من النصارى يتقدمهم جاثليق (لهم) (1)، له سمت ومعرفة بالكلام ووجوهه، وحفظ التوراة والإنجيل، وما فيهما (2)، فقصدوا أبا بكر.
فقال له الجاثليق: إنا وجدنا في الإنجيل رسولا يخرج بعد عيسى، وقد بلغنا خروج محمد بن عبد الله يذكر أنه ذلك الرسول، ففزعنا (3) إلى ملكنا فجمع وجوه قومنا، وأنفذنا في التماس الحق فيما اتصل بنا، وقد فاتنا نبيكم محمد، وفيما قرأناه من كتبنا أن الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصياء لهم يخلفونهم في أممهم، يقتبس منهم الضياء فيما أشكل فأنت أيها الأمير وصيه لنسألك عما نحتاج إليه.
فقال عمر: [هذا] (4) خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، فجثى الجاثليق لركبتيه وقال له أخبرنا (5) أيها الخليفة عن فضلكم علينا في الدين، فإنا جئنا نسألك (6) عن ذلك.
فقال أبو بكر: نحن مؤمنون، وأنتم كفار، والمؤمن خير من الكافر، والايمان خير من الكفر.
فقال الجاثليق: هذه دعوى تحتاج إلى حجة، فخبرني أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك؟
فقال أبو بكر: أنا مؤمن عند نفسي ولا أعلم بما لي عند الله (7).