ثم قال عليه السلام: يا حنفية، ألم تحملك أمك في زمان قحط، منعت السماء فيه قطرها، والأرض نباتها حتى أن البهائم ترعى فلا تجد رعيا، وكانت أمك تقول لك: إنك حمل مشوم، في زمان غير مبارك، فلما كان بعد سبع شهور رأت أمك في منامها كأنها وقد وضعتك وهي تقول لك:
إنك لولد مشوم في زمان غير مبارك، وكأنك أنت تقولين لها: يا أماه، لا تتشأمي بي فإني ولد مبارك أنشو نشوءا حسنا، أملكني سيد يولدني وليا مباركا يكون لبني حنيفة عزا.
فقالت: صدقت يا أمير المؤمنين، إنه كذلك.
فقال عليه السلام: إنه من إخبار النبي صلى الله عليه وآله لي.
فقالت: وما العلامة يا أمير المؤمنين بيني وبين أمي؟
فقالت: عليه السلام: لما وضعتك أمك كتبت كلامك، والرؤيا في لوح من النحاس، وأودعته يمنة الباب، فلما كان بعد حولين عرضته عليك فأقررت به، فلما كان بعد ثمان سنين عرضته عليك فأقررت به، فلما كان بعد ثمان سنين جمعت بينك وبينه، وقالت لك: يا بنية، إذا نزل بساحتكم سافك دمائكم، وناهب أموالكم، وسابي ذراريكم، وسبيت فيمن يسبى، فخذي هذا اللوح معك، واجهدي أن يملكك من الجماعة إلا من يخبرك بالرؤيا واللوح.
فقالت: صدقت يا أمير المؤمنين، وأين اللوح؟
فقال: في عنقك، فرفعت اللوح إليه، فملكها والله يا أبا جعفر هذا ما ظهر من حجته وبينته، ثم قالت: يا معاشر الناس، اشهدوا أني قد جعلت نفسي له عبدة.
فقال عليه السلام: لابل قولي زوجة.
فقال: اشهدوا أني قد زوجته نفسي كما أمرني أهلي.