فقال أمير المؤمنين عليه السلام: خرجت أيها النصراني من مستقرك مستنفرا (1) لمن قصدت بسؤالك له، مضمرا خلاف من أظهرت من الطلب والاسترشاد، فأريت في منامك مقامي، وحدثت فيه بكلامي، وحذرت فيه من خلافي، وأمرت فيه باتباعي.
قال: صدقت والله الذي بعث المسيح وما اطلع على ما أخبرتني به إلا الله تعالى، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنك وصي رسول الله، وأحق الناس بمقامه، وأسلم الذين كانوا معه كإسلامه، وقالوا: نرجع إلى صاحبنا فنخبره بما وجدنا عليه هذا الامر وندعوه إلى الحق.
فقال له عمر: الحمد لله الذي هداك أيها الرجل إلى الحق، وهدى من معك إليه، غير أنه يجب أن تعلم أن علم النبوة في أهل بيت صاحبها والامر بعده لمن خاطبت أولا برضاء الأمة واصطلاحها (2) عليه، وتخبر صاحبك بذلك، وتدعوه إلى طاعة الخليفة،.
فقال: قد عرفت (ما قلت) (3) أيها الرجل، وأنا على يقين من أمري فيما أسررت وأعلنت.
وانصرف الناس وتقدم عمر أن لا يذكر ذلك المقام [من] (4) بعد، وتوعد على من ذكره بالعقاب، وقال: أنا (5) والله لولا أنني أخاف أن يقول الناس: قتل مسلما لقتلت هذا الشيخ ومن معه، فإني أظن أنهم شياطين أرادوا الافساد على هذه الأمة، وإيقاع الفرقة بينها.