قال بطلة: الوحا الوحا، ثم كتب سعد إلى عمر بن الخطاب بذلك، فلما وصل الكتاب إلى عمر ارتقى المنبر وقرأ من الكتاب طرفا، وبكى بكاء شديدا، وبكى المسلمون لم سمعوا.
ثم قال عمر: صدق والله بطلة، وصدق والله سعد، وصدق والله رغيب، وصدق والله عيسى عليه السلام، وقد أخبرني بهذا رسول الله صلى الله عليه وآله، فنهض إليه من الجماعة رجل وقال: يا عمر، الحق إلهك بتوبة، ورد الحق إلى أهله، فقد أخبرت أنه أخبرك نبيك، ثم كتب عمر إلى سعد وبطلة يناديهما في ذلك الوقت، ويسألهما عن خصال عدة عدها في الكتاب.
قال بطلة: فبقينا ثمانية عشر ليلة ما سمعنا له صوتا، ولا رأينا له شخصا أبدا، ورحلنا طالبين نهاوند.
قال صاحب الحديث، أخبرنا به الشيخ الامام ضياء الدين أبو النجيب عبد القادر الشهرزوري، عن مشايخه ونسخه بيده والمعيد بن عتبة أبو سفيان مقلد الدمشقي بين يديه على الكرسي، ومقابله على كرسي آخر الشيخ أبو محمد ونحن حضور نكتبه ونقابل به وصاحب الحديث ضياء الدين الشافعي من أولاد أبي بكر ذكره في مصنفه المعروف بدلائل النبوة، وحكى صاحب الحديث أن عمر لما قرأ الكتاب على الناس، ونزل بطلب منزله، تبعه عبد الله بن العباس، فقال له عمر: يا عبد الله، أتظن أن صاحبك لمظلوم؟
فقال له عبد الله: نعم والله يا عمر، فاردد ظلامته كما رددت فدكا والعوالي، وكما رددت سبي بني حنيفة.
قال: فنظر عمر إليه، وأخذ يده من يد عبد الله بن العباس، وأسرع عمر في مشيه، وتقاصر عبد الله في مشيه، وسأل بعض الناس عبد الله بن العباس عن امتناع صاحب المسيح عن الظهور.