فارس يركض، فقال: يا أمير المؤمنين ما يقعدك وقد عبر القوم؟
قال: أنت رأيتهم؟
قال: نعم.
قال: والله ما عبروا، ولا يعبرون أبدا.
فقلت في نفسي: الله أكبر كفى بالمرء شاهدا على نفسه، والله لئن كانوا عبروا (لأقاتلنه قتالا لا ألوى فيه جهدا، ولئن لم يعبروا لأقاتلن أهل النهروان قتالا يعلم الله بن أني (غضبت له) (1).
ثم لم ألبث أن جاء فارس آخر يركض ويلمع بسوطه، فلما انتهي إليه قال:
يا أمير المؤمنين، ما جئت حتى عبروا كلهم، وهذه نواصي خيلهم قد أقبلت.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدق الله ورسوله، وكذبت، ما عبروا ولن يعبروا، ثم نادى في الخيل، فركب (2) وركب أصحابه، وسار ونحوهم، وسرت ويدي على قائم سيفي وأنا أقول أول ما أرى فارسا قد طلع منهم أعلو عليا بالسيف للذي دخلني من الغيظ عليه.
فلما انتهى إلى النهر إذا القوم كلهم (من) (3) وراء النهر لم يعبر منهم أحد، فالتفت إلي ثم وضع يده على صدري، ثم قال: يا جندب أشككت؟ كيف رأيت؟
قلت: يا أمير المؤمنين، أعوذ بالله من الشك، وأعوذ بالله من سخط الله، وسخط رسوله، وسخط أمير المؤمنين.
قال: يا جندب ما أعمل (4) إلا بعلم الله وعلم رسوله، فأصابت جندبا