والشوق أقتله برؤيتها * قتل الظما بالبارد العذب والناس إن حلوا جميعهم * شعبا سلام وكنت في شعب لحللت شعبك دون شعبهم * ولكان قربك منهم حسبي قوله - والشوق أقتله - نظير قول جرير فلما التقى الحيان ألقيت العصا * ومات الهوى لما أصيب مقاتله (مجلس آخر 55) [تأويل آية].
إن سأل سائل عن قوله تعالى (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين). فقال كيف يأمرهم تعالى بان يخبروا بما لا يعلمون وليس أقبح من تكليف ما لا يطاق الذي تأبونه والذي لا يجوز أن يكلف تعالى مع ارتفاع القدرة لا يجوزه. الجواب قلنا قد ذكر في هذه الآية وجهان. أولهما ان ظاهر هذه الآية إن كان أمرا يقتضى التعلق بشرط وهو كونهم صادقين عالمين بأنهم إذا أخبروا عن ذلك صدقوا فكأنه قال تعالى خبروا بذلك ان علمتموه ومتى رجعوا إلى نفوسهم فلم يعلموا فلا تكليف عليهم وهذا بمنزلة أن يقول القائل لغيره خبرني بكذا وكذا ان كنت تعلمه وان كنت تعلم أنك صادق فيما تخبر به عنه. فان قيل أوليس قد قال المفسرون في قوله تعالى (ان كنتم صادقين) ان المراد به ان كنتم تعلمون بالعلة التي من أجلها جعلت في الأرض خليفة أو ان كنتم صادقين في اعتقادكم انكم تقومون بما أنصب الخليفة له وتضطلعون به وتصلحون به . قلنا قد قيل كل ذلك وقيل أيضا ما ذكرناه وإذا كان القول محتملا للأمرين جاز أن يبنى الكلام على كل واحد منهما وهذا الجواب لا يتم لمن يذهب إلى أن الله تعالى لا يصح أن يأمر العبد بشرط قد علم أنه لا يحصل ولا يحسن أن يريد منه الفعل على هذا الوجه ومن ذهب إلى جواز ذلك صح منه أن يعتمد على هذا الجواب. فإن