أراد أنهم أعزاء مقيمون بدار مملكتهم لا ينتجعون كالاعراب فاختصر هذا المبسوط كله في قوله حول قبر أبيهم. ومثله قول عدي بن زيد عالم بالذي يريد نقي الصدر عف على حثاه نحور (1) وفي معنى الاختصار قول أوس بن حجر وفتيان صدق لاتخم لحامهم * إذا شبه النجم الصوار النوافرا فقوله - لاتخم لحامهم - لفظ مختصر ولو بسط لقال إنهم لا يدخرون اللحم ولا يستبقونه فيخم بل يطعمونه الأضياف والطراق. ومعنى قوله - إذا شبه النجم الصوار النوافرا - يعنى في شدة البرد كلب الشتاء لان الثريا تطلع في هذا الزمان عشاء كأنها صوار متفرق وهذا أيضا أكثر من أن يحصى وإنما فضل الكلام الفصيح بعضه على بعض لقوة حظه من إفادة المعاني الكثيرة بالألفاظ المختصرة. فأما قوله تعالى (ثم عرضهم على الملائكة) بعد ذكر الأسماء التي لا تليق بها هذا الكناية فالمراد به عرض المسميات لان الكناية لا تليق بالأسماء ولا بد من أن تكون تلك المسميات أو فيها ما يجوز أن يكنى عنه بهذه
(١٦٠)