وجه آخر وقد روى عن بعض المتقدمين وهو أن يكون المراد بالوجه ما يقصد به إلى الله تعالى ويوجه نحو القربة إليه جلت عظمته فيقول لا تشرك بالله ولا تدع إلها غيره فان كل فعل يتقرب به إلى غيره ويقصد به سواه فهو هالك باطل وكيف يسوغ للمشبهة أن يحملوا هذه الآية والتي قبلها على الظاهر أوليس ذلك يوجب انه تعالى يفني ويبقى وجهه وهذا كفر وجهل من قائله. فأما قوله تعالى (إنما نطعمكم لوجه الله) وقوله (إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) وقوله (وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله) فمحمول على أن هذه الأفعال مفعولة له ومقصود بها ثوابه والقربة إليه والزلفة عنده قوله تعالى (فأينما تولوا فثم وجه الله) فيحتمل أن يراد به فثم الله لا على معنى الحلول ولكن على معنى التدبير. والعلم ويحتمل أيضا أن به فثم رضا الله وثوابه والقربة إليه ويحتمل أن يكون المراد بالوجه الجهة ويكون الإضافة بمعنى الملك والخلق والانشاء والاحداث لأنه عز وجل قال (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) أي ان الجهات كلها لله تعالى وتحت ملكه وكل هذا واضح بين بحمد الله. أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال انحدرنا مع المكتفى بالله في آخر سفرة سافرها للصيد من الموضع المعروف بجبة إلى تكريت في خراقه (1) فكانت تجنح كثيرا فيشتد فزع من معه من الجلساء لذلك وكنت أشدهم فزعا وكان في الخراقة سواي من الجلساء يحيى بن علي المنجم ومتوج بن محمد بن مروان والقاسم المعروف بابن حبابة وكان يضحك لفزعنا ويقول لقد قسم الله لكم حظا من الشجاعة جزيلا فقلت له ان البحتري يقول شعرا يصف فيه مثل حالنا ويمدح فيه أحمد بن دينار بن عبد الله وقد غزا الروم في مراكب أوله ألم تر تغليس الربيع المبكر * وما حاك من وشى الرياض المنشر فقال له أنشدني الموضع الذي قال هذا فيه منها وكان جيد العلم بالأشعار حافظا للأخبار
(٥٠)