حتى أتيت إلى آخرها فقال عبد الملك بن مروان ثكلت القطامي أمه هذا والله الشعر قال فالتفت إلي الأخطل فقال يا شعبى إن لك فنونا في الأحاديث وإن لنا فنا واحد فإن رأيت أن لا تحملني على أكتاف قومك فادعهم حرضا قلت لا أعرض لك في شئ من الشعر أبدا فأقلني هذه المرة فقال من يكفل بك قلت أمير المؤمنين فقال عبد الملك هو على أن لا يعرض لك أبدا. ثم قال يا شعبى أي شعراء الجاهلية كان أشعر من النساء قلت خلساء قال ولم فضلتها على غيرها قلت لقولها وقائلة والنعش قذفات خطوها * لتدركه يا لهف نفس على صخر ألا ثكلت أم الذين غدوا به * إلى القبر ماذا يحملون إلى القبر فقال عبد الملك أشعر منها والله ليلى الأخيلية حيث تقول مهفهف الكشح والسربال منخرق * عنه القميص لسير الليل محتقر لا يأمن الناس ممساه ومصبحه * في كل حي وإن لم يغز ينتظر ثم قال يا شعبى لعله شق عليك ما سمعته فقلت أي والله يا أمير المؤمنين أشد المشقة إني لمحدثك منذ شهرين لم أفدك إلا أبيات النابغة في الغلام ثم قال يا شعبى إنما أعلمناك هذا لأنه بلغني أن أهل العراق يتطاولون على أهل الشام ويقولون ان كانوا غلبونا على الدولة فلن يغلبونا على العلم والرواية وأهل الشام أعلم بعلم أهل العراق ثم ردد على أبيات ليلى حتى حفظتها وإذن لي فانصرفت فكنت أول داخل وآخر خارج. [قال الشريف المرتضى] رضي الله عنه والصحيح في الرواية أن البيتين اللذين رواهما عبد الملك ونسبهما إلى ليلى الأخيلية لأعشى باهلة يرثى المنتشر بن وهب الباهلي وهذه القصيدة من المراثي المفضلة المشهورة بالبلاغة و البراعة وهي إني أتتني لسان لا أسر بها * من علو لا عجب منها ولا سخر (1)
(١٠٥)