بسم الله الرحمن الرحيم (مجلس آخر 41) [تأويل آية]. إن سأل سائل عن قوله تعالى (فأين تذهبون إن هو إلا ذكر للعالمين) إلى آخر الآية. فقال ما تأويل هذه الآية أوليس ظاهرها يقتضى أنا لانشاء شيئا الا والله تعالى شاءه ولم يخص إيمانا من كفر ولا طاعة من معصية. الجواب قلنا الوجه المذكور في هذه الآية ان الكلام متعلق بما تقدمه من ذكر الاستقامة لأنه تعالى قال (لمن شاء منكم أن يستقيم) ثم قال (وما تشاؤن إلا أن يشاء الله رب العالمين) أي ما تشاؤن الاستقامة إلا والله تعالى مريد لها ونحن لا ننكر أن يريد الله تعالى الطاعات وإنما أنكرنا ارادته المعاصي وليس لهم أن يقولوا تقدم ذكر الاستقامة لا يوجب قصر الكلام عليها ولا يمنع من عمومه كما أن السبب لا يوجب قصر ما يخرج من الكلام عليه حتى لا يتعداه وذلك أن الذي ذكروه إنما يجب فيما يستقل بنفسه من الكلام دون ما لا يستقل. وقوله تعالى (وما تشاؤن إلا أن يشاء الله) لا ذكر للمراد فيه فهو غير مستقل بنفسه وإذا علق بما تقدم من ذكر الاستقامة استقل على أنه لو كان للآية ظاهر يقتضي ما ظنوه وليس لها ذلك لوجب الانصراف عنه بالأدلة الثابتة على أنه تعالى لا يريد المعاصي ولا القبائح على أن مخالفينا في هذه المسألة لا يمكنهم حمل الآية على العموم لأن العباد قد يشاؤن عندهم ما لا يشاء الله تعالى بان يريدوا الشئ ويعزموا عليه فلا يقع مانع ممتنع أو غيره وكذلك قد يريد النبي عليه الصلاة والسلام من الكفار الايمان وقد تعبدنا بان يريد من المقدم على القبيح تركه وإن كان تعالى عندهم لا يريد ذلك إذا كان المعلوم انه لا يقع فلا بد لهم من تخصيص الآية فإذا جاز لهم ذلك بالشبهة
(٢)