فقال ما أحسن هذا الكلام وأنشدني لنفسه حبيبي حبيب يكتم الناس إنه * لنا حين تلقانا العيون حبيب يباعدني في الملتقى وفؤاده * وإن هو أبدى لي البعاد قريب ويعرض عين والهوى منه مقبل * إذا خاف عينا أو أشار رقيب فتنطق منا أعين حين نلتقي * وتخرس منا ألسن وقلوب ثم قال يا بنى ارو هذين فإنهما من أحسن الشعر وطريقه.
روى أحمد بن فارس المنيحي عن أبي نصر محمد بن إسحاق النحوي قال سمعت بعض أهل الأدب يقول للزجاج قد كنت تعرف أبا العباس المبرد وكبره وأنه ما كان يقوم لأحد ولا يتطاول له وينشد إذا أشرف عليه الرجل ثهلان ذو الهضبات لا يتحلحل (1) ولقد رأيته يوما وقد دخل عليه رجل متدرع فقام إليه أبو العباس فاعتنقه وتنحي عن موضعه وأجلسه فجعل الرجل يكفه ويستعفيه من ذلك فلما أكثر من ذلك عليه أنشده أبو العباس أتنكر أن أقوم وقد بدا لي * لأكرمه وأعظمه هشام فلا تنكر مبادرتي إليه * فإن لمثله خلق القيام فلما انصرف الرجل سألت عنه فقيل لي هذا البحتري (مجلس آخر 53) [تأويل آية أخرى]. إن سأل سائل عن قوله تعالى في قصة قابيل وهابيل حاكيا عن هابيل (لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف