فسقيا ورعيا للشباب الذي مضى * وأهلا و سهلا بالمشيب ومرحبا (مجلس آخر 46) [تأويل آية]. إن سأل سائل عن قوله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني) الآية. فقال كيف ضمن الإجابة وتكفل بها وقد نرى من يدعو فلا يجاب. الجواب قلنا في ذلك وجوه. أولها أن يكون المراد بقوله تعالى (أجيب دعوة الداعي) أي أسمع دعوته ولهذا يقال للرجل دعوت من لا يجيب أي من لا يسمع وقد يكون أيضا يسمع بمعني يجيب كما كان يجيب بمعني يسمع يقال سمع الله لمن حمده يراد به أجاب الله من حمده. وأنشد ابن الاعرابي دعوت الله حتى خفت أن لا * يكون الله يسمع ما أقول أراد يجيب ما أقول.
وثانيها أنه تعالى لم يرد بقوله تعالى قريب من قرب المسافة بل أراد انني قريب بإجابتي ومعونتي ونعمتي أو لعلمي بما يأتي العبد ويذر وما يسر ويجهر تشبيها بقرب المسافة لأن من قرب من غيره عرف أحواله ولم يخفف عليه ويكون قوله تعالى أجيب على هذا تأكيد للقرب فكأنه أراد إنني قريب قربا شديد وإنني بحيث لا يخفى على أحوال العباد كما يقول القائل إذا وصف نفسه بالقرب من صاحبه والعلم بحاله أنا بحيث أسمع كلامك وأجيب نداءك أو ما جرى هذا المجرى وقد روى أن قوما سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا له ربنا قريب فنناجيه أم بعيد فنناديه فأنزل الله تعالى هذه الآية. وثالثها أن يكون معنى هذه الآية أنني أجيب دعوة الداعي إذا دعاني على الوجه الصحيح وبالشرط الذي يجب أن يقارن الدعاء وهو أن يدعو باشتراط المصلحة ولا يطلب وقوع ما يدعو به على كل حال ومن دعا بهذا الشرط فهو مجاب على كل حال لأنه إن كان صلاحا فعل ما دعا به وان لم يكن صلاحا لم يفعل لفقد شرط دعائه فهو أيضا مجاب إلي دعائه. ورابعها أن يكون معنى دعاني أي عبدني وتكون