كأنهم قالوا هذان الرجلان أهل للمجالسة وهذا القبيلان من العلماء أهل للقاء فان جالست الحسن فأنت مصيب وان جالست ابن سيرين فأنت مصيب وان جمعت بينهما فكذلك فيكون معنى الآية على هذا ان قلوب هؤلاء قاسية متجافية عن الرشد والخير فان شبهتم قسوتها بالحجارة أصبتم وان شبهتموها بما هو أشد أصبتم وان شبهتموها بالجميع فكذلك وعلى هذا يتأول قوله تعالى (أو كصيب من السماء) لان أو لم يرد بها الشك بل على نحو الذي ذكرناه من انكم إن شبهتموهم بالذي استوقد نارا فجائز وان شبهتموهم بأصحاب فجائز وان شبهتموهم بالجميع فكذلك. وثانيها أن تكون أو دخلت للتفصيل والتمييز ويكون معنى الآية ان قلوبهم قست فبعضها ما هو كالحجارة في القسوة وبعضها ما هو أشد قسوة منها ويجرى ذلك مجرى قوله تعالى (وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا) ومعناه وقال بعضهم كونوا هودا وهم اليهود وقال بعضم كونوا نصارى وهم النصارى فدخلت أو للتفصيل وكذلك قوله تعالى (وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون) معناه فجاء بعض أهلها بأسنا بياتا وجاء بعض أهلها بأسنافي وقت القيلولة وقد يحتمل قوله تعالى (أو كصيب من السماء) هذا الوجه أيضا ويكون المعني ان بعضهم يشبه الذي استوقد نارا وبعضهم يشبه أصحاب الصيب. وثالثها أن يكون أو دخلت على سبيل الابهام فيما يرجع إلى المخاطب وإن كان الله تعالى عالما بذلك غير شاك فيه لأنه تعالى لم يقصد في إخبارهم عن ذلك إلا التفصيل بل علم عز وجل ان خطابهم بالاجمال أبلغ في مصلحتهم فأخبر تعالى ان قسوة قلوب هؤلاء الذين ذمهم كالحجارة أو أشد قسوة والمعنى انها كانت كأحد هذين لا يخرج عنهما ويجري ذلك مجرى قولهم ما أطعمتك إلا حلوا حامضا فيبهمون على المخاطب ما يعلمون انه لا فائدة في تفصيله والمعنى ما أطعمتك إلا أحد هذين الضربين وكذلك يقول أحدهم أكلت بسرة أو ثمرة وهو قد علم ما أكل على التفصيل إلا أنه أبهمه على المخاطب . قال لبيد
(١٤٣)