لا فارض ولا بكر من أن يكون كناية عن البقرة الأولى أو عن غيرها وليس بجوز أن يكون ذلك عن بقرة ثانية لان ظاهر قوله تعالى (انها بقرة لا فارض ولا بكر) من أن يكون كناية عن البقرة الأولى أو عن غيرها وليس يجوز أن يكون ذلك كناية عن بقرة ثانية لان ظاهر قوله تعالى (إنها بقرة) من صفتها كذا وكذا بعد قولهم ما هي يقتضي أن يكون كناية متعلقة بما تضمنه سؤالهم وان الأمر لو لم يكن على ما ذكرناه لم يكن ذلك جوابا لهم بل كان يجب أن يكونوا سألوه عن شئ فأجابهم عن غيره وهذا لا يليق بالنبي عليه الصلاة والسلام على أنه لما أراد أن يكلفهم تكليفا ثانيا عند تفريطهم في الأول على ما يدعيه من يذهب إلى هذا المذهب قد كان يجب أن يجيبهم عن سؤالهم وينكر عليهم الاستفهام في غير موضعه وتفريطهم فما أمروا به لا حاجة بهم إلى الاستفهام عنه فيقول في جواب قولهم ما هي إنما كلفهم أي بقرة شئتم وما يستحق اسم بقرة وقد فرطتم في ترك الامتثال وأخطأتم في الاستفهام مع وضوح الكلام إلا انكم قد كلفتم ثانيا كذا وكذا لان هذا مما يجب عليه بيانه لإزالة الشك والابهام واللبس فلما لم يفعل ذلك وأجاب بالجواب الذي ظاهره يقتضى التعلق بالسؤال علم أن الأمر على ما ذكرناه وهب أنه لم يفعل ذلك في أول سؤال كيف لم يفعله مع تكرار الأسئلة والاستفهامات التي لم تقع على هذا المذهب بموقعها ومع تكرر المعصية والتفريط كيف يستحسن أن يكون جميع أجوبته غير متعلقة بسؤالاتهم لأنهم يسألونه عن صفة شئ فيجيبهم بصفة غيره من غير بيان بل على أقوى الوجوه الموجبة لتعلق الجواب بالسؤال لان قول القائل في جواب من سأله ما كذا وكذا انه بالصفة الفلانية صريح في أن الهاء كناية عن ما وقع السؤال عنه هذا مع قولهم إن البقر تشابه علينا لأنهم لم يقولوا ذلك إلا وقد اعتقدوا ان خطابهم مجمل غير مبين فلم لم يقل أي تشابه عليكم وإنما أمرهم في الابتداء بأي بقرة كانت وفي الثاني بما اختص باللون المخصوص من أي البقر كان. فإن قيل كيف يجوز أن يأمرهم بذبح بقرة لها جميع الصفات المذكورة إلى آخر الكلام ولا يبين ذلك لهم وهذا تكليف ما لا يطاق. قلنا لم يرد منهم أن يذبحوا البقرة في الثاني من حال الخطاب ولو كانت حال الحاجة إلى الفعل حاضرة لما
(١٢٦)