الأمالي - السيد المرتضى - ج ٣ - الصفحة ١٢٧
جاز أن يتأخر البيان لان تأخيره عن وقت الحاجة هو القبيح الذي لا شبهة في قبحه وإنما أراد أن يذبحوها في المستقبل فلو لم يستفهموا ويطلبوا البيان لكان قد رود عليهم عند الحاجة إليه. فإن قيل إذا كان الخطاب غير متضمن لصفة ما أمروا بذبحه فوجوده كعدمه وهذا يخرجه من باب الفائدة ويوجب كونه عبثا. قلنا ليس يجب ما ظننتم لان القول وإن كان لم يفد صفة البقرة بعينها فقد أفاد تكليف ذبح بقرة على سبيل الجملة ولو لم يكن ذلك معلوما قبل هذا الخطاب فصار مفيدا من حيث ذكرناه وخرج من أن يكون وجوده كعدمه وفوائد الكلام لا يجب أن يدخلها الاقتراح وليس يخرج الخطاب من تعلقه ببعض الفوائد كونه غير متعلق بغيرها وبما هو زيادة عليها. فإن قيل ظاهر قوله تعالى (فذبحوها وما كادوا يفعلون) يدل على استبطائهم وذمهم على التقصير في امتثال الأمر. قلنا ليس ذلك صريح ذم لأن كادوا للمقاربة وقد يجوز أن يكون التكليف صعب عليهم لغلاء ثمن البقرة التي تكاملت لها تلك الصفة فقد روي أنهم ابتاعوها بملء جلدها ذهبا على أن الذم يقتضى ظاهره أن يصرف إلى تقصيرهم أو تأخيرهم امتثال الأمر بعد البيان التام لان قوله تعالى (وما كادوا يفعلون) إنما ورد بعد تقدم البيان التام المتكرر ولا يقتضى ذمهم على ترك المبادرة في الأول إلى ذبح بقرة فليس فيه دلالة على ما يخالف ما ذكرناه. فان قيل لو ثبت تقديرا ان التكليف في البقرة متغاير أي القولين اللذين حكيتموهما عن أهل هذا المذهب أصح وأشبه. قلنا قول من ذهب إلي أن البقرة إنما يجب أن تكون بالصفة الأخيرة فقط لأن الظاهر به أشبه من حيث إنه إذا ثبت تغاير التكليف وليس في قوله إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض إلى آخر الأوصاف ذكر لما تقدم من الصفات وهذا التكليف غير الأول فالواجب اعتبار ما تضمنه لفظه والاقتصار عليه. فأما - الفارض - فهي المسنة وقيل هي العظيمة الضخمة يقال غرب فارض أي ضخم والغرب الدلو ويقال أيضا لحية فارضة إذا كانت عظيمة والأشبه بالكلام أن يكون المراد المسنة. فأما - البكر - فهي الصغيرة التي لم تلد فكأنه تعالى قال غير مسنة ولا صغيرة - والعوان - دون المسنة وفوق الصغيرة وهي النصف التي قد ولدت بطنا أو بطنين يقال حرب عوان إذا لم تكن أول حرب وكانت ثانية وإنما
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (المجلس الواحد والأربعون) تأويل قوله تعالى فأين يذهبون ان هو الا ذكر للعالمين الآية 2
2 رد قوله المعتزلة في مسئلة ارادته تعالى القبائح 3
3 عود إلى ذكر بعض محاسن شعر مروان بن أبي حفصة وغيره 4
4 مفاكهة أدبية 8
5 (المجلس الثاني والأربعون الثالث) تأويل قوله تعالى: أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض الآية 14
6 تأويل قوله تعالى: ما كانوا يستطيعون السمع الآية 14
7 استرواح بذكر شئ من شعر مروان بن أبي حفصة وغيره 16
8 (المجلس الثالث والأربعون) تأويل قوله تأويل: ما منعك ان لا تسجد إذ أمرتك الآية 25
9 عود إلى ذكر طرف من شعر مروان بن أبي حفصة أيضا 26
10 (المجلس الرابع والأربعون) تأويل قوله تعالى: نحن أعلم ما يستمعون به الآية 35
11 تأويل قوله تعالى: ان تتبعون الا رجلا مسحورا 36
12 استرواح بذكر بعض من المحاسن الشعرية 38
13 (المجلس الخامس والأربعون) تأويل قوله تعالى: كل شئ هالك الا وجهه الآية 41
14 تأويل قوله تعالى: انما نطعمكم لوجه الله الآية ونحوها 50
15 استرواح بذكر حكاية أدبية لمحمد بن يحيى الصولي وشئ من كلام البحتري 50
16 مفاكهة المكتفى بالله مع الصولي في محاسن الشيب ومدحه 52
17 واقعة امرئ القيس مع قيصر الروم 53
18 (المجلس السادس والأربعون) تأويل قوله تعالى: وإذا سئلك عبادي عني فاني قريب الآية 59
19 عود إلى ذكر الشيب وما تقوله العرب في ذمه 61
20 قصة البيدق مع الرشيد 63
21 قصة العتابي معه أيضا 63
22 (المجلس السابع والأربعون) تأويل قوله تعالى: هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب الآية 70
23 عود إلى ذم الشيب والتألم من فقد الشباب 72
24 رد على الآمدي في انتقاده كلام البحتري 77
25 ذكر بعض مبتكرات من شعر ابن الرومي 79
26 (المجلس الثامن والأربعون) تأويل قوله تعالى: ليس لك من الأمر شئ الآية 80
27 تأويل خبر لا تناجشوا ولا تدابروا الحديث 82
28 ذكر ما ورد في اللغة العربية من معاني العرض 84
29 استرواح بذكر شئ من شعر قطري بن الفجاءة 88
30 (المجلس التاسع والأربعون) تأويل قوله تعالى: وقالت اليهود يد الله مغلولة الآية 91
31 تأويل خبر لعن الله السارق يسرق البيضة الحديث 93
32 ذكر معاني البيضة في كلام العرب والاستشهاد عليها 95
33 استرواح بذكر حكاية لطيفة للأصمعي مع الرشيد 99
34 (المجلس الخمسون) تأويل قوله تعالى: الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور 100
35 منادمة الشعبي والأخطل في مجلس عبد الملك بن مروان 101
36 استطراد لذكر مرية أعشي باهلة وبلاغتها 105
37 ذكر بعض كلام للأخطل في امتداحه لمعاوية 113
38 (المجلس الواحد والخمسون) تأويل قوله تعالى: ربنا لا تزع قلوبنا بعد إذ هديتنا الآية 114
39 استرواح بذكر قول الراعي في وصف الأثافي والرماد 116
40 (المجلس الثاني والخمسون) تأويل قوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه ان الله يأمركم أن تذبحوا بقرة الآية 125
41 استرواح بذكر بعض كلام المتنبي وغيره 128
42 ذكر طرف من محاسن شعر عمارة بن عقيل وغيره 131
43 (المجلس الثالث والخمسون) تأويل قوله تعالى: لئن بسطت إلى يدك لتقتلني الآية 134
44 شواهد إضافة المصدر إلى فاعله ومفعوو 135
45 تأويل خبر لا يموت لمؤمن ثلاث من الأولاد الحديث 138
46 تشبيه العرب قلة مكث الشئ بتحلة اليمين والاستشهاد عليه بكلامهم 138
47 (المجلس الرابع والخمسون) تأويل قوله تعالى: ثم قست قلوبكم من بعد ذلك الآية 142
48 استرواح بذكر ما يختار من شعر الأحوص الأنصاري 149
49 (المجلس الخامس والخمسون) تأويل قوله تعالى: وعلم آدم الأسماء كلها الآية 155
50 تلخيص الجواب في هذا الموضوع 156
51 اشكال غريب في الآية المذكورة والجواب عنه 161
52 استرواح بذكر شئ من محاسن شعر حسان وغيره 162
53 (المجلس السادس والخمسون) تأويل قوله تعالى: واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا الآية 165
54 استطراد لذكر ما خوطب به صلى الله عليه وسلم والمقصود به أمته 165