وسمى ذلك تغنينا من حيث يفعل عنده ما يفعل عند التغني بالغناء وذكر أن ذلك نظير قولهم العمائم تيجان العرب والخباء حيطان العرب والشمس حمامات العرب.. وأنشد بيت النابغة بكاء حمامة تدعو هديلا * مفجعة على فنن تغني (1) فشبه صوتها لما أطرب اطراب الغناء بالغناء وجعلوا العمائم لما قامت مقام التيجان تيجانا وكذلك القول في الخباء والشمس. وجواب أبي عبيد أحسن الأجوبة وأسلمها وجواب أبي بكر أبعدها لأن التلذذ لا يكون الا في المشتهيات * وكذلك الإستحلاء والاستعذاب وتلاوة القرآن وتفهم معانيه من الأفعال الشاقة فكيف يكون ملذا مشتهى. فان عاد إلى أن يقول قد تستحلي التلاوة من الصوت الحزين * قلنا هذا رجوع إلى الجواب الثاني الذي رغبت عنه وانفردت عند نفسك بما يخالفه ويمكن أن يكون في الخبر وجه رابع خطر لنا وهو أن يكون قوله عليه الصلاة والسلام من لم يتغن من غني الرجل بالمكان إذا طال مقامه به ومنه قيل المغني والمغاني قال الله تعالى كأن لم تغن بالأمس وكأن لم يغنوا فيها أي لم يقيموا بها وقال الأسود بن يعفر الأيادي ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة في ظل ملك ثابت الأوتاد (2)
(٢٦)