والقربة لم يتسحق به شيئا من الثواب وإنما يؤثر حبه للمال في زيادة الثواب متى حصل ما ذكرناه من قصد القربة والعبادة ولو تقرب بالعطية وهو غير ضنين بالمال ولا محب له لا يستحق الثواب وهذا الوجه لم نسبق إليه في هذه الآية وهو أحسن ما قيل فيها .. وقد ذكر وجه آخر وهو أن يكون الهاء راجعة إلى من من آمن أيضا وينتصب ذوي القربى بالحب ولا يجعل لآتي منصوبا لوضوح المعنى ويكون تقدير الكلام وأعطى المال في حال حبه ذوي القربى واليتامى على محبته إياهم وهذا الوجه ليس فيه مزية في باب رجوع الهاء التي وقع عليها السؤال وإنما يتبين مما تقدم بتقدير انتصاب ذوي القربى بالحب وذلك غير ما وقع السؤال عنه والأجوبة الأول أقوى وأولى.. فأما قوله (والموفون بعهدهم) ففي رفعه وجهان. أحدهما أن يكون مرفوعا على المدح لأن النعت إذا طال وكثر رفع بعضه ونصب بعضه على المدح ويكون المعنى وهم الموفون بعهدهم قال الزجاج هذا أجود الوجهين.. والوجه الآخر أن يكون معطوفا على من آمن ويكون المعنى ولكن ذا البر وذوي البر المؤمنون والموفون بعدهم.. فأما نصب الصابرين ففيه وجهان. أحدهما المدح لأن مذهبهم في الصفات والنعوت إذا طالت أن يعترضوا بينهما بالمدح والذم ليمزجوا الممدوح أو المذموم ويفردوه فيكون غير متبع لأول الكلام من ذلك قول الخرنق بنت بدر بن هفان لا يبعدن قومي الذين هم * سم العداة وآفة الجزر النازلين بكل معترك * والطيبين معاقد الأزر فنصبت ذلك على المدح وربما رفعوهما جميعا على أن يتبع آخر الكلام ومنهم من ينصب النازلين ويرفع الطيبين وآخرون يرفعون النازلين وينصبون الطيبين والوجه في النصب والرفع ما ذكرناه.. ومن ذلك قول الشاعر أنشده الفراء إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم وذا الرأي حين تغم الأمور * بذات الصليل وذات اللجم فنصب ليث الكتيبة وذا الرأي على المدح.. وأنشد الفراء أيضا
(١٤٦)