أقبل ومعه جماعة من أصحابه إلى حلقة الحسن وفيها عمرو بن عبيد جالس فلما نظر إلى واصل وكان في عنقه طول واعوجاج قال أرى عنقا لا يفلح صاحبها فسمع ذلك واصل فلما سلم عليه قال له يا بن أخي ان من عاب الصنعة عاب الصانع للتعلق الذي بين الصنعة والصانع فقال له عمرو بن عبيد يا أبا حذيفة قد وعظت فأحسنت ولن أعود إلي مثل الذي كان منى وجلس واصل في الحلقة وسئل أن يكلم عمرا فقال واصل لعمرو لم قلت من أتى كبيرة من أهل الصلاة استحق اسم النفاق فقال عمرو لقول الله تعالى (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون) فكان كل فاسق منافقا إذ كانت ألف المعرفة ولامها موجودتين في الفاسق فقال له واصل أليس قد وجدت الله تعالى يقول (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) وأجمع أهل العلم على أن صاحب الكبيرة استحق اسم ظالم كما استحق اسم فاسق فألا كفرت صاحب الكبيرة من أهل الصلاة بقول الله تعالى (والكافرون هم الظالمون) فعرف بألف ولام التعريف اللتين في قوله (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) كما قال في القاذف (وأولئك هم الفاسقون) فسميته منافقا لقوله تعالى (ان المنافقون هم الفاسقون) فأمسك عمرو ثم قال له واصل يا أبا عثمان أي ما أولى أن تستعمل في أسماء المحدثين من أمتنا ما اتفق عليه أهل الفرق من أهل القبلة أو ما اختلفوا فيه فقال عمرو بل ما اتفقوا عليه أولى فقال له واصل ألست تجد أهل الفرق على اختلافهم يسمون صاحب الكبيرة فاسقا ويختلفون فيما عدا ذلك من أسمائه لأن الخوارج تسميه مشركا فاسقا والشيعة تسميه كافر نعمة فاسقا.. [قال المرتضى رضي الله عنه] يعني بالشيعة الزيدية.. والحسن يسميه منافقا فاسقا والمرجئة تسميه مؤمنا فاسقا فاجتمعوا على تسميته بالفسق واختلفوا فيما عدا ذلك من أسمائه فالواجب أن يسمى بالاسم الذي اتفق عليه وهو الفسق لاتفاق المختلفين عليه ولا يسمى بما عدا ذلك من الأسماء التي اختلف فيها فيكون صاحب الكبيرة فاسقا ولا يقال فيه انه مؤمن ولا منافق ولا مشرك ولا كافر فهذا أشبه بأهل الدين فقال له عمرو ابن عبيد ما بيني وبين الحق عداوة والقول قولك فليشهد على من حضر أني تارك
(١١٥)