وقد كان الجاحظ قال في بعض كتبه بجهله وتعصبه على الشيعة وعناده: إنه لولا الكميت وما احتج به في هذا القول لم تعرف الشيعة وجه الحجة في تقديم آل محمد - عليهم السلام -، وهذا ينضاف إلى حماقاته في الديانة واختياراته الملائمة لسخف عقله، وكيف يجوز أن يذهب مثل هذا على الشيعة وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - إمام الشيعة قد احتج به على معاوية في جواب كتابه إليه الذي يقول فيه: " لكل الخلفاء حسدت وعلى كلهم بغيت تقاد إلى بيعتهم وأنت كاره كما يقاد الجمل المخشوش " فأجابه أمير المؤمنين - عليه السلام - عن هذا الفصل بأن قال له.
" حاشا لله أن يكون الحسد من خلقي والبغي من شيمتي بل ذلك من خلقك وخلق أبيك وأهل بيتك وشيمتهم إذ حسدتم رسول الله (ص) على ما آتاه الله من فضله، فنصبتم له الحرب وكنتم أصحاب رايات أعدائه في كل موطن وبغيتم عليه حتى أظفره الله بكم " في كلام يتصل بهذا.
ثم قال - عليه السلام -: " أما كراهتي لأمر القوم فإني لست أتبرأ منه ولا أنكره وذلك أن رسول الله (ص) قبضه الله إليه ونحن أهل بيته أحق الناس به فقلنا لا يعدل الناس عنا ولا يبخسونا حقنا، فما راعنا إلا والأنصار قد صارت إلى سقيفة بني ساعدة يطلبون هذا الأمر فصار أبو بكر إليهم وعمر فيمن تبعهما، فاحتج أبو بكر عليهم بأن قريشا أولى بمقام رسول الله (ص) منهم لأن رسول الله (ص) كل من قريش وتوصل بذلك إلى الأمر دون الأنصار، فإن كانت الحجة لأبي بكر بقريش فنحن أحق الناس برسول الله ممن تقدمنا لأننا أقرب من قريش كلها إليه وأخصهم به، وإن لم يكن لنا حق مع القرابة فالأنصار على دعواهم " في كلام يتلو هذا لا حاجة بنا إلى إيراده في هذا المكان.