والدي، وها هو بيته وأشار إلى بيت منيف (5) بنجوة (6) منه، فقلنا فيما بيننا حسبنا من الفوائد مشاهدة والد هذا الشيخ الفاني، فان كانت منه فائدة (بعد ذلك) (7) فهي ربح لم نحتسب، وقصدنا ذلك الخبا فوجدنا حوله عددا كبيرا من الإماء والعبيد، فحين رأونا تسرعوا الينا وبدؤوا بالسلام علينا وقالوا: ما تبغون حياكم الله؟ فقلنا: نبغي السلام على سيدكم وطلب الفائدة من عنده ببركتكم، فقالوا: الفوائد كلها عند سيدنا، ودخل منهم من يستأذن ثم خرج الاذن لنا فدخلنا، فإذا سرير في صدر البيت وعليه مخاد من جانبيه، ووسادة في أوله، وعلى الوسادة رأس شيخ قد بلى وطار شعره، والإزار على المخاد التي من جانبي السرير لتستره، ولا يثقل منها عليه، فجهرنا بالسلام فأحسن الرد، وقال قائلنا مثل ما قال لولد ولده، وأعلمناه انه أرشدنا إلى ابنه فحجنا بما احتج به، وان أباه أرشدنا إليك وبشرنا بالفائدة منك، ففتح الشيخ عينين قد غارتا في أم رأسه، وقال للخدم: أجلسوني، فلم تزل أيديهم تتهاداه بلطف إلى أن جلس، وستر بالأزر التي طرحت على المخاد، ثم قال لنا: يا بني أخي لأحدثنكم بخبر تحفظونه عني، وتفيدون منه ما يكون فيه ثواب لي، كان والدي لا يعيش له ولد ويحب أن تكون له عاقبة، فولدت له على كبر، ففرح بي وابتهج بموردي، ثم قضى ولي سبع سنين فكفلني عمي بعده وكان مثله في الحذر علي، فدخل بي يوما على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: يا رسول الله هذا ابن أخي وقد مضى
(٣٩١)