شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ٤٠٣
وإن كان كذبا لغة وعرفا لا تورية ولا تعريض فيه أصلا جايز لقصد الإصلاح بين الناس، والظاهر أنه لا خلاف فيه عند أهل الاسلام. ومن طريق العامة: «ليس بالكاذب من أصلح بين اثنين فقال خيرا ونمى خيرا» وقد اتفقت الأمة على أنه لو جاء ظالم يطلب رجلا مختفيا ليقتله ظلما أو يطلب وديعة إنسان ليأخذها غصبا وجب الإخفاء على من علم ذلك، فأمثال هذا الكذب ليست بمذمومة في نفس الأمر بل إما واجبة أو مندوبة لأن الكذب إنما يذم ويترك لله تعالى فإذا كان لله تعالى انقلب حكمه نعم الأولى أن لا يسمى ذلك كذبا لاشتهاره بكونه مذموما بل يسمى إصلاحا فهذا قسم ثالث واسطة بين اسمي الصدق والكذب كما نطق به (عليه السلام).
17 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنا قد روينا، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول يوسف (عليه السلام):
(أيتها العير إنكم لسارقون)؟ فقال: والله ما سرقوا وما كذب، وقال إبراهيم (عليه السلام): (بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون)؟ فقال: والله ما فعلوا وما كذب، قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ما عندكم فيها يا صيقل؟ قال: فقلت: ما عندنا فيها إلا التسليم، قال: فقال: إن الله أحب اثنين وأبغض اثنين: أحب الخطر فيما بين الصفين وأحب الكذب في الإصلاح، وأبغض الخطر في الطرقات وأبغض الكذب في الإصلاح، وإن إبراهيم (عليه السلام) إنما قال: (بل فعله كبيرهم هذا) إرادة الإصلاح ودلالة على أنهم لا يفعلون، وقال: يوسف (عليه السلام) إرادة الإصلاح.
* الشرح:
قوله (إنه قد روينا عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول يوسف (عليه السلام): (أيتها العير إنكم لسارقون)) هذا لم يكن قول يوسف (عليه السلام) وانما كان قول مناديه ونسب إليه لوقوعه بأمره، والعير بالكسر: الإبل تحمل الميرة ثم غلب على كل قافلة.
(وقال إبراهيم (عليه السلام) (بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون)؟ فقال: والله ما فعلوا وما كذب) أريد بالكبير الكبير في الخلقة أو التعظيم، قيل كانت لهم سبعون صنما مصطفة وكان ثمة صنم عظيم مستقبل الباب من ذهب وفي عينيه جوهرتان تضيئان بالليل، ولعل ارجاع ضمير جمع المذكر العاقل إلى الأصنام من باب التهكم أو باعتبار أنها يعقلون ويفهمون ويجيبون بزعم عبادها، وأما ضمير الجمع في قوله (عليه السلام) والله ما فعلوا فراجع إلى الكبير باعتبار إرادة الجنس الشامل للمتعدد، ولو فرضا أو إلى الأصنام للتنبيه على اشتراك الجميع في عدم صلاحية صدور ذلك الفعل منه والله أعلم.
(أحب الخطر فيما بين الصفين) أي اهتزاز الرجل وتبختره في المشي كمشي المتكبر المعجب
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430