951 / 5 - حدثنا محمد بن أحمد السناني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، قال: حدثنا علي بن عاصم، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في خروجه إلى صفين، فلما نزل بنينوى وهو شط الفرات، قال بأعلى صوته: يا بن عباس، أتعرف هذا الموضع؟ فقلت له: ما أعرفه، يا أمير المؤمنين. فقال علي (عليه السلام): لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي.
قال: فبكى طويلا حتى اخضلت لحيته وسالت الدموع على صدره، وبكينا معا (1)، وهو يقول: أوه أوه، مالي ولآل أبي سفيان، مالي ولآل حرب، حزب الشيطان، وأولياء الكفر، صبرا - يا أبا عبد الله - فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم.
ثم دعا بماء فتوضأ وضوءه للصلاة وصلى ما شاء الله أن يصلي، ثم ذكر نحو كلامه الأول، إلا أنه نعس عند انقضاء صلاته وكلامه ساعة، ثم انتبه فقال: يا ابن عباس. فقلت: ها أنا ذا. فقال: ألا أحدثك بما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي؟
فقلت: نامت عيناك ورأيت خيرا، يا أمير المؤمنين. قال: رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء معهم أعلام بيض، قد تقلدوا سيوفهم، وهي بيض تلمع، وقد خطوا حول هذه الأرض خطة، ثم رأيت كأن هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض تضطرب بدم عبيط، وكأني بالحسين سخلي (2) وفرخي ومضغتي ومخي قد غرق فيه، يستغيث فلا يغاث، وكأن الرجال البيض قد نزلوا من السماء ينادونه ويقولون: صبرا آل الرسول، فإنكم تقتلون على أيدي شرار الناس، وهذه الجنة - يا أبا عبد الله - إليك مشتاقة. ثم يعزونني ويقولون: يا أبا الحسن، أبشر، فقد أقر الله به عينك يوم القيامة، يوم يقوم الناس لرب العالمين، ثم انتبهت هكذا. والذي نفس علي بيده، لقد حدثني