نكله (١)، فلا تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الحياة الدنيا فتكونوا من الذين مكروا السيئات وقد قال الله تعالى: ﴿أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون * أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين * أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم﴾ (٢).
فاحذروا ما قد حذركم الله، واتعظوا بما فعل بالظلمة في كتابه، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما تواعد به القوم الظالمين في الكتاب، تا لله لقد وعظتم بغيركم، وإن السعيد من وعظ بغيره، ولقد أسمعكم الله في الكتاب ما فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم حيث قال: (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين * فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون) يعني يهربون (لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكينكم لعلكم تسئلون) فلما أتاهم العذاب ﴿قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين * فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين﴾ (٣).
وأيم الله إن هذه لعظة لكم وتخويف إن اتعظتم وخفتم، ثم رجع إلى القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب، فقال: ﴿ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين﴾ (٤) فإن قلتم - أيها الناس - إن الله إنما عنى بهذا أهل الشرك، فكيف ذاك وهو يقول: ﴿ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين﴾ (5)؟.
اعلموا - عباد الله - أن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدواوين، وإنما تنشر الدواوين لأهل الاسلام، فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الله لم يختر هذه الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه، ولم يرغبهم فيها وفي عاجل زهرتها