مطيعا لله، صابرا على ما أصابه، مجاهدا في الله حق جهاده، عابدا لله حتى أتاه اليقين، فكان ذهابه (صلى الله عليه وآله) أعظم المصيبة على جميع أهل الأرض البر والفاجر، ثم ترك فيكم كتاب الله، يأمركم بطاعة الله، وينهاكم عن معصيته.
وقد عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) عهدا لن أخرج عنه، وقد حضركم عدوكم، وقد عرفتم من رئيسهم، يدعوهم إلى باطل، وابن عم نبيكم (صلى الله عليه وآله) بين أظهركم يدعوكم إلى طاعة ربكم، والعمل بسنة نبيكم، ولا سواء من صلى قبل كل ذكر، لم يسبقني بالصلاة غير نبي الله، وأنا والله من أهل بدر، والله إنكم لعلى الحق، وإن القوم لعلى الباطل، فلا يصبر القوم على باطلهم، ويجتمعوا عليه، وتتفرقوا عن حقكم، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم، فإن لم تفعلوا ليعذبنهم الله بأيدي غيركم.
فأجابه أصحابه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، انهض إلى القوم إذا شئت، فوالله ما نبغي بك بدلا، نموت معك ونحيا.
فقال لهم مجيبا لهم: والذي نفسي بيده، ينظر إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا أضرب قدامه بسيفي، فقال: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي. ثم قال لي: يا علي، أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وحياتك - يا علي - وموتك، معي فوالله ما كذبت ولا كذبت، ولا ضللت ولا ضل بي، ولا نسيت ما عهد إلي، إني إذن لنسي، وإني لعلى بينة من ربي بينها لنبيه (صلى الله عليه وآله)، فبينها لي، وإني لعلى الطريق الواضح، ألقطه لقطا.
ثم نهض إلى القوم يوم الخميس، فاقتتلوا من حين طلعت الشمس حتى غاب الشفق، ما كانت صلاة القوم يومئذ إلا تكبيرا عند مواقيت الصلاة، فقتل علي (عليه السلام) يومئذ بيده خمسمائة وستة نفر من جماعة القوم، فأصبح أهل الشام ينادون: يا علي، اتق الله في البقية، ورفعوا المصاحف على أطراف القنا (1).
669 / 11 - حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا فرات بن