به إربا إربا، فإنه يجثو لك كما يجثو الأسد لفريسته، ويواربك مواربة (1) الثعلب للكلب، وأما الحسين فقد عرفت حظه من رسول الله، وهو من لحم رسول الله ودمه، وقد علمت لا محالة أن أهل العراق سيخرجونه إليهم ثم يخذلونه ويضيعونه، فإن ظفرت به فاعرف حقه ومنزلته من رسول الله، ولا تؤاخذه بفعله، ومع ذلك فإن لنا به خلطة (2) ورحما، وإياك أن تناله بسوء، أو يرى منك مكروها.
قال: فلما هلك معاوية، وتولى الامر بعده يزيد (لعنه الله)، بعث عامله على مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو عمه عتبة بن أبي سفيان، فقدم المدينة وعليها مروان بن الحكم، وكان عامل معاوية، فأقامه عتبة من مكانه وجلس فيه، لينفذ فيه أمر يزيد، فهرب مروان فلم يقدر عليه، وبعث عتبة إلى الحسين بن علي (عليهما السلام)، فقال: إن أمير المؤمنين أمرك أن تبايع له. فقال الحسين (عليه السلام): يا عتبة، قد علمت أنا أهل بيت الكرامة، ومعدن الرسالة، وأعلام الحق الذي أودعه الله عز وجل قلوبنا، وأنطق به ألسنتنا، فنطقت بإذن الله عز وجل، ولقد سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أن الخلافة محرمة على ولد أبي سفيان، وكيف أبايع أهل بيت قد قال فيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا.
فلما سمع عتبة ذلك دعا الكاتب وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، إلى عبد الله يزيد أمير المؤمنين، من عتبة بن أبي سفيان. أما بعد، فإن الحسين بن علي ليس يرى لك خلافة ولا بيعة، فرأيك في أمره والسلام. فلما ورد الكتاب على يزيد (لعنه الله) كتب الجواب إلى عتبة: أما بعد، فإذا أتاك كتابي هذا فعجل علي بجوابه وبين لي في كتابك كل من في طاعتي، أو خرج عنها، وليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي.
فبلغ ذلك الحسين (عليه السلام)، فهم بالخروج من أرض الحجاز إلى أرض العراق، فلما أقبل الليل راح إلى مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) ليودع القبر، فلما وصل إلى القبر