مصلحة حفظ النفس التي في التقية مع مصلحة إعلاء كلمة الاسلام التي في تركها متساويتان.
والمحرم كما في الدماء فقتل المؤمن في مورد لا يستحق القتل تقية حرام بلا كلام.
والمكروه ما يكون ضده أفضل.
هذا ما ذكره الشيخ الأعظم الأنصاري قدس سره في انقسام التقية إلى الأحكام الخمسة.
وفي بعضها خصوصا الأخير تأمل واضح، لان ترك المستحب ليس بمكروه مع أن نقيضه أفضل، فلو كانت الحركة من بلد أفضل من الوقوف فيه، فهذا لا يلازم كون الوقوف مكروها، فالأولى التمثيل للمكروه بما ذكره الشهيد قدس سره وهو التقية بإتيان ما هو مستحب عندهم، مع عدم خوف الضرر لا عاجلا ولا آجلا إذا كان ذلك الشئ مكروها واقعا، وإلا لو كان حراما فالتقية باتيانه لموافقتهم حرام.
هذا ما ذكروه ولكن الذي يظهر من الأخبار المستفيضة بل المتواترة هو استحباب التقية بل وجوبها بموافقتهم عملا بل فتوى فيما إذا احتمل ترتب ضرر على نفسه أو على إخوانه المؤمنين.
وهذا الذي قلنا من استحباب التقية أو وجوبها كان في الأزمنة السابقة في أيام سلاطين الجور الذي ربما كان تركها ينجر إلى قتل الإمام عليه السلام أو إلى قتل جماعة من المؤمنين، وأما في هذه الأزمنة بحمد الله حيث لا محذور في العمل بما هو الحق ومقتضى مذهبه في العبادات والمعاملات فلا يوجد موضوع للتقية.
نعم إذا تحقق موضوع التقية في زمان أو مكان فالواجب منها لا يعارض بأدلة الواجبات والمحرمات، وذلك لحكومة دليل وجوب التقية على تلك الأدلة كما هو الشأن في سائر أدلة العناوين الثانوية بالنسبة إلى أدلة العناوين الأولية، وذلك كأدلة نفي العسر والحرج والضرر بالنسبة إلى الأدلة الأولية حيث إنها حاكمة على الأدلة الأولية بالحكومة الواقعية إلا في حديث الرفع بالنسبة إلى خصوص ما لا يعلمون،