وفي هذا الاستدلال جهات من الاشكال:
الأول ان الطعام حسب نقل أهل اللغة إما خصوص البر أو مع الشعير أو الحبوب جميعا، أو بإضافة البقول، فهذه الكلمة، وإن كانت في أصل اللغة تستعمل في كل ما يطعم به ولكن عند العرف تستعمل في المذكورات، فتكون من قبيل المنقول العرفي كلفظ الدابة والغائط، والمناط في باب تشخيص الظهورات هو الفهم العرفي والمعاني المذكورة أجنبية عن الاستدلال، إذ مبناه على كون الطعام يشمل مطلق ما يطعم به من المطبوخ وغير المطبوخ، كي يكون شاملا لما يباشره الكتابي مع الرطوبة في مقام الاكل أو الطبخ.
الثاني تفسيره بالحبوب المروي عن الأئمة المعصومين عليهم السلام في أخبار كثيرة. (1) الثالث أن المراد بالحلية هي أن طعامهم من حيث انتسابه إليهم وكونه ملكا لهم ليس محرما عليكم، فالآية في مقام دفع توهم الحظر كما أن قوله تعالى والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب (2) أيضا في مقام دفع توهم الحظر، فكأنهم كانوا يحتملون حرمة المبايعة والمعاملة معهم، وأن أجناسهم من حيث الانتساب إليهم حرام عليهم مع أنها من الطيبات فلا ينافي هذا المعنى كونها محرمة من جهة حرمتها في نفسه كلحم الخنزير مثلا، أو من جهة نجاستها لملاقاتها لبدنهم مع الرطوبة أو لملاقاتها لنجاسة أخرى، ومن هنا نعرف فائدة ذكر حلية طعام أهل الكتاب مع أنه من الطيبات.
وأما الاستدلال لطهارتهم بأصالة الطهارة في الشبهات الحكمية فهو مع هذا الاجماع القوي والاتفاق الذي قلما يتفق في موارد الشبهات الحكمية مثله، وتلك الأخبار التي مرت عليك والآية الشريفة إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام (3) لا يخلو عن غرابة.