ولا شك في أن اعراض قدماء الأصحاب عن رواية وعدم العمل بها مع كونها بمرأى منهم ومضبوطة في كتبهم، ووصلت إلينا بواسطتهم ومع تعبدهم بالعمل بالاخبار، وعدم الاعتناء بالاستحسانات والظنون التي ليس على حجيتها دليل عقلي أو نقلي.
حتى أن جماعة منهم رضوان الله تعالى عليهم كانت فتاويهم بعين ألفاظ الرواية حذرا من أن يكون ظاهر لفظ فتواه غير ما هو ظاهر ألفاظ الرواية، ولذا اشتهر عنهم ان عند إعواز النصوص يرجع إلى فتاوى علي بن بابويه قده وذلك لان فتاواه كانت بعين ألفاظ الرواية.
فمع هذا التعبد الشديد بالعمل بالروايات الموثوق صدورها إن أعرضوا عن العمل برواية مع عدم إجمالها وظهورها وصحة سندها، فيستكشف من إعراضهم وعدم عملهم بها انهم رأوا خللا في صدورها أو جهة صدورها فيوجب إعراضهم عنها عدم حصول الوثوق بصدورها أو جهة صدورها.
وهذا بعد تمامية ظهورها وعدم إجمالها فتسقط عن الحجية التي موضوعها الوثوق بصدورها وجهة صدورها بعد تمامية ظهور الرواية لان الحجية متوقفة على هذه الأمور الثلاثة: الوثوق بصدورها، والوثوق بجهة صدورها، وعدم خلل في ظهورها.
وإلى هذا يرجع ما اشتهر في ألسنتهم في مورد إعراض الأصحاب عن خبر أنه كلما ازداد صحة ازداد وهنا وهذا معنى أن الاعراض كاسر للسند القوي، وأن عمل الأصحاب جابر للسند الضعيف.
إذا عرفت ذلك فنقول:
إن إجماع علماء الإمامية وفقهائهم رضوان الله تعالى عليهم الا الشاذ ممن لا يعتنى بخلافهم كابن الجنيد (1) من الصدر الأول إلى زماننا هذا على نجاسة أهل الكتاب حتى