فان رجوع المال إلى الشخص إنما هو بكونه تحت يده وسلطانه فالملك والاستحقاق يتحقق بالعقد ولكن لا يرجع امر المال إليه الا بالاستيلاء.
فتحصل لك مما بيناه ان الاستقلال باثبات اليد في الأموال يوجب مرجعيته في الغنم والغرم معا أو في الغرم خاصة واليد التابعة لعدم استقلالها ليست إحاطة واستيلاء بل المستولي والمحيط إنما هو المتبوع ولذا لا يترتب عليها المرجعية فيهما ولا في أحدهما.
واما الأمين فيده يد المالك و رجوع المال إليه عين الرجوع إلى المالك وهذا هو السر في منافاة الايتمان للضمان وبطلان اشتراطه في الوديعة والوكالة وأمثالهما واما العارية فباشتراط الضمان فيها يخرج عن كونها ايتمانا لأنه مقتضى اطلاقها لاذاتها والتفصيل موكول إلى محله.
وبما بيناه ظهر سر نفوذ قول ذي اليد في تعيين كيفية يده من الملكية والولاية والوكالة وهكذا فان الرجوع على انحاء يتعين بتعيين المرجع فان من ملك شيئا ملك الاقرار به وأيضا مقتضى سلطنة الشخص على نفسه المنتزعة من كونه نفسه استقلاله في أموره وجهاته ونفوذ تقلباته وتصرفاته وأقاريره فيها فكما ان نفوذ اقرار الشخص بالرقية والدين راجع إلى نفسه ابتداءا والاقرار المتعلق بما في يده راجع إليها ثانيا.
فقد اتضح مما حققناه ان اليد مقتضية لاختصاص ما وقعت عليه من الأموال بذى اليد واستحقاق الغير مانع عن التأثير في الملكية المقتضية للمرجعية في الغنم والغرم معا.
فان علم بانتفاء المانع يحصل العالم بالملك واقعا وتكون اليد حينئذ موجبة له وان شك في وجود المانع يحكم العالم بالملك ظاهرا اعتمادا على المقتضى المعلوم والغاءا للمانع المحتمل فايجابها للملك واقعا وللحكم به في الظاهر مستند إلى امر واحد وهو تحقق المقتضى غاية الأمر ان اثره يختلف باختلاف العلم بعدم المانع والشك في وجوده فاختلاف شان اليد إنما هو باختلاف الحالين فالشأن الثاني إنما هو من شؤون الشأن الأول المترتب على المقتضى المعلوم مع العلم بعدم المانع.