بالعلم بهما في غير محله إذ صحة الصلاة جهرا في موضع الاخفات وبالعكس وصحة الاتمام في موضع القصر جاهلا بالحكم لا يتوقف على اخذ العلم بالحكم قيدا في موضوعه بل يصلح بجعل العلم بالحكم كالبلوغ والعقل شرطا في تعلق الحكم كما عليه المصوبة في جميع الأحكام فلا يكشف عن اخذ العلم بالحكم شرطا في تحققه مع أن الاتمام في موضع القصر إنما يصح إذا كان الجاهل قاصرا لا مطلقا وهو مبنى على أصل اخر كما بيناه في محله.
واما كون المأمور به عبادة فهو سابق على الامر ولذا قد تكون العبادة مأمورا بها وقد تكون منهيا عنها كصلاة الحائض وصومها ولو سلمنا عدم تحقق التعبد بدون الامر فهو مأخوذ في نفس الامر بالجعل الأول لان الغرض من الامر قد يكون التعبد بالمأمور به وقد يكون التوصل به.
توضيح ذلك ان قيود القضية خبرية أم انشائية اما معتبرة في الموضوع أو المحمول أو النسبة ولا رابع لها كما هو ظاهر فإن كان عروض الحكم على المعروض متوقفا على اعتبار قيد في المعروض فهو قيد في المعروض فهو قيد للموضوع كتوقف استحقاق الزكاة على الفقر مثلا وقبول الشهادة على العدالة وإن كان ثبوت الحكم للموضوع مقيدا بخصوصية مرتبطة بالمحمول كقولك زيد عالم بالفقه أو بالنحو وهكذا فهو قيد للمحمول وإن كان ثبوت النسبة موقوفا على اعتبار خصوصية فيها فهي قيد لها كقولك ان قدم زيد من السفر فتصدق درهما فان اعتبار قدوم زيد في وجوب تصدق درهم ليس تقييدا للموضوع ولا للمحمول وإنما هو تقييد للنسبة.
ومن هذا الباب كل ما اعتبر في القضية ولا يكون صفة للموضوع ولا للمحمول فان قدوم زيد ليس صفة للمتصدق ولا للصدقة واعتبار قصد التعبد في الامر من هذا القبيل فان مطلوبية المأمور به قد تكون مقيدة بايجاده بعنوان التعبد لله تعالى شأنه كاغتسل وصل مثلا فيكون الامر تعبديا وقد تكون بايجاده كيف اتفق كاغتسل ثوبك وبدنك عن الخبث فيكون الامر توصليا فانقسام الامر إلى التعبدي