والسر فيه ان اقرار الشخص إنما ينفذ فيما هو مرجع فيه ولا مرجعية لاحد الأطراف في صدور الولادة لعدم كونها فعلا له ولا في طرفية سائر الأطراف أصالة ولا تبعا لان كلا منهما في عرض الاخر من حيث الطرفية فلا ينفذ اقرار المتصادقين الا في حق أنفسهما لعدم ثبوت الولاة باقرارهما حتى يتبعه ثبوت النسب النسبة إلى سائر الأطراف وعدم ثبوت طرفية الأطراف غير المتصادقين به لان كلا منهما في عرض الاخر فلا ينفذ باقرار أحد الأطراف طرفية سائر الأطراف أصالة كما هو ظاهر ولا تبعا لعدم تبعية طرفية بعضها على طرفية الاخر.
وإذ قد اتضح لك ما حققناه فقد اتضح لك وجه الفرق بين الاقرار بالولد من صلبه بلا واسطة وبين الاقرار بسائر الأرحام وسر ثبوت التعدي إلى الأطراف والتوابع في الصورة الأولى وعدم التعدي في سائر الصور.
بقي الكلام في وجه اعتبار القيود الثلاثة.
اما الأول فوجه اعتباره واضح.
واما الثاني فلان الولد إذا لم يكن مجهول النسب وكان نسبه معلوما لم يبق محل لتأثير الاقرار بولادته.
واما الثالث فلانه مع المنازعة فيه مع صغره يكون نسبة الولد إلى كل من المتنازعين سواء فلا يترجح أحدهما على الاخر الا بالبينة ان كانت والا فبالقرعة وقد تبين مما بيناه انه لا يعتبر تصديق الولد وإن كان كبيرا نعم لا يبعد أن يكون تكذيبه حينئذ قادحا لأنه مستقل في نفسه فينفذ انكاره ولا ينافي سماع انكاره مع نفوذ اقرار شخص بولادته منه لان مسماع اقرار المقر مقتض للحوق الولد به فيترتب عليه الأثر ما لم يوجد مانع من طرف الولد وهو انكاره بالغا رشيدا.
ولذا اتفقوا على ثبوت النسب باقراره بالولد بعد موته مطلقا وحال صغره وجنونه ويمكن أن يكون مراد الأكثر من اعتبار تصديق الولد البالغ العاقل حينئذ عدم تكذيبه.