جواهر العقود - المنهاجي الأسيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٩
الأمة على أن كل واحد منها يجوز العمل به. لأنه مستند إلى سنة رسول الله (ص).
فالقاضي الآن - وإن لم يكن من أهل الاجتهاد، ولا سعى في طلب الأحاديث، وانتقاد طرقها - لكن عرف من لغة الناطق بالشريعة (ص) ما لا يعوزه معه ما يحتاج إليه فيه. وغير ذلك من شروط الاجتهاد. فإن ذلك مما قد فرغ له منه، ودأب له فيه سواه. وانتهى الامر من هؤلاء الأئمة المجتهدين إلى تقرير ما أراحوا به من بعدهم. وانحصر الحق في أقاويلهم. وتدونت العلوم، وانتهت إلى ما اتضح فيه الحق الجلي، وإنما على القاضي في أقضيته: العمل بما يأخذه عنهم، أو عن الواحد منهم. فإنه في معنى من كان اجتهاده إلى قول قاله. وعلى ذلك فإنه إذا خرج من خلافهم، متوخيا مواطن الاتفاق ما أمكنه، كان آخذا بالحزم، عاملا بالأولى. وكذلك إذا قصد في مواطن الخلاف: أن يتوخى ما عليه الأكثر منهم، والعمل بما قاله الجمهور دون الواحد. فإنه أخذ بالحزم مع جواز عمله بقول الواحد، إلا أنه يكره له أن يكون من حيث إنه قرأ مذهب واحد منهم، أو نشأ في بلدة لم يعرف فيها إلا مذهب إمام واحد منهم. أو كان أبوه أو شيخه على مذهب واحد منهم. فقصر نفسه على اتباع ذلك المذهب. حتى إنه إذا حضر عنده خصمان، وكان ما تشاجرا فيه مما يفتي الفقهاء الثلاثة بجوازه - نحو التوكيل بغير رضى الخصم - وكان الحاكم حنفيا، وعلم أن مالكا والشافعي وأحمد اتفقوا على جواز هذا التوكيل. وأن أبا حنيفة منعه. فعدل عما اجتمع عليه هؤلاء الأئمة الثلاثة إلى ما ذهب أبو حنيفة إليه بمفرده من غير أن يثبت عنده بالدليل ما قاله، ولا أداه إليه الاجتهاد. فإني أخاف على هذا من الله عز وجل بأنه اتبع في ذلك هواه. وأنه ليس من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. وكذلك إذا كان القاضي مالكيا، فاختصم إليه اثنان في سؤر الكلب فقضى بطهارته، مع علمه بأن الفقهاء كلهم قضوا بنجاسته. وكذلك إن كان القاضي شافعيا.
فاختصم إليه اثنان في متروك التسمية عمدا. فقال أحدهما: هذا منعني من بيع شاة مذكاة. وقال الآخر: إنما منعته من بيع الميتة. فقضى عليه بمذهبه. وهو يعلم أن الأئمة الثلاثة على خلافه. وكذلك إذا كان القاضي حنبليا. فاختصم إليه اثنان. فقال أحدهما:
لي عليه مال. وقال الآخر: كان له علي مال وقضيته. فقضى عليه بالبراءة. وقد علم أن الأئمة الثلاثة على خلافه. فهذا وأمثاله مما يرجع إلى الأكثرين فيه عندي أقرب إلى الاخلاص. وأرجح في العمل. ومقتضى هذا: أن ولايات الحكام في وقتنا هذا صحيحة، وأنهم قد سدوا ثغرا من ثغور الاسلام سده فرض كفاية. ولو أهملت هذا القول ولم أذكره، ومشيت على الطريق التي يمشي عليها الفقهاء في كتاب صنفوه، أو كلام قالوه:
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب النكاح 3
2 الخلاف المذكور في مسائل الباب 11
3 باب ما يحرم من النكاح 16
4 الخلاف المذكور في مسائل الباب 20
5 باب نكاح المشرك 23
6 الخلاف المذكور في مسائل الباب 27
7 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 28
8 الخلاف المذكور في مسائل الباب 32
9 كتاب الصداق 33
10 الخلاف المذكور في مسائل الباب 35
11 باب القسم والنشوز 39
12 الخلاف المذكور في مسائل الباب 41
13 كتاب الخلع 89
14 الخلاف المذكور في مسائل الباب 91
15 كتاب الطلاق 100
16 الخلاف المذكور في مسائل الباب 102
17 كتاب الرجعة 122
18 الخلاف المذكور في مسائل الباب 123
19 كتاب الإيلاء 126
20 الخلاف المذكور في مسائل الباب 127
21 كتاب الظهار 133
22 الخلاف المذكور في مسائل الباب 135
23 كتاب اللعان 139
24 الخلاف المذكور في مسائل الباب 141
25 كتاب العدد 146
26 الخلاف المذكور في مسائل الباب 151
27 كتاب الاستبراء 157
28 الخلاف المذكور في مسائل الباب 158
29 كتاب الرضاع 161
30 الخلاف المذكور في مسائل الباب 163
31 كتاب النفقات 169
32 الخلاف المذكور في مسائل الباب 173
33 كتاب الحضانة 188
34 الخلاف المذكور في مسائل الباب 190
35 كتاب الجراح 200
36 الخلاف المذكور في مسائل الباب 205
37 باب كيفية القصاص ومستوفيه، وإخلاف فيه 209
38 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 212
39 الخلاف المذكور في مسائل الباب 212
40 كتاب الديات 216
41 الخلاف المذكور في مسائل الباب 218
42 باب دعوى الدم والقسامة 224
43 الخلاف المذكور في مسائل الباب 225
44 كتاب الأيمان 253
45 الخلاف المذكور في مسائل الباب 258
46 كتاب القضاء 280
47 باب أدب القاضي 284
48 باب القضاء على الغائب 287
49 الخلاف المذكور في مسائل الباب 288
50 كتاب القسمة 329
51 الخلاف المذكور في مسائل الباب 331
52 كتاب الشهادات 347
53 الخلاف المذكور في مسائل الباب 350
54 كتاب الدعوى والبينات 395
55 الخلاف المذكور في مسائل الباب 397
56 كتاب العتق 421
57 الخلاف المذكور في مسائل الباب 423
58 كتاب التدبير 435
59 الخلاف المذكور في مسائل الباب 436
60 كتاب الكتابة 438
61 الخلاف المذكور في مسائل الباب 439
62 كتاب أمهات الأولاد 448
63 الخلاف المذكور في مسائل الباب 449
64 خاتمة 458