أحدهما: تعتبر من أول الكلام إلى آخره. لان الطلاق يقع بجميع اللفظ.
والثاني: إذا نوى قبل الفراغ من الكلام. صح، لأن النية قد وجدت منه قبل الاستثناء متصلا به.
وسواء فيما ذكر في الاستثناء: إلا وأخواتها، والتعليق بمشيئة الله تعالى وسائر التعليقات. ويشترط عدم استغراقه. فإذا قال: أنت طالق ثلاثا إلا ثنتين طلقت واحدة، أو قال: ثلاثا إلا ثلاثا طلقت ثلاثا.
تذييل: سئل الامام العلامة شيخ الاسلام عالم الحجاز جمال الدين بن ظهيرة القرشي المكي، الشافعي رحمه الله تعالى عن قول الرجل لامرأته: متى وقع عليك طلاقي، أو إذا وقع عليك طلاقي، فأنت طالق قبله ثلاثا، ثم قال لها: أنت طالق. وهذه مسألة الدور المشهورة بالسريجية. وهل له مخلص منها إذا قلنا بصحة الدور؟
فأجاب: بأن مآخذ الخلاف في هذه المسألة ثابتة البنيان، واضحة البرهان، مشيدة الأركان. ولكل مسلك محجة، ولعمري لقد دارت فيها الرؤوس، وانفحمت فيها أكباد الفحول في الدروس، وسئمت من دورانها النفوس. فإذا قال لامرأته: إذا طلقتك، أو مهما طلقتك. فأنت طالق قبله ثلاثا، ثم طلقها. فالمذهب في ذلك ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يقع عليها شئ، وهو المشهور عن ابن سريج، وإليه ذهب ابن الحداد، والقفال الشاشي، والقفال المروزي، والشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب، والشيخ أبو علي، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي. والروياني. وبه أجاب المزني، والمتتور. وحكاه صاحب الافصاح عن نص الشافعي رحمه الله تعالى. قال الامام: وعليه معظم الأصحاب.
ونقل في البحر عن القاضي أبي الطيب: أن للشافعي مصنفا، اقتصر فيه على عدم الوقوع.، واقتصر عليه أيضا أبو حامد القزويني في كتاب الحيل. وصححه الشاشي في المعتمد. وكان ابن الخليل شارح التنبيه يفتي به ببغداد، كما نقل عنه ابن خلكان في تاريخه، وعملوا بصحة الدور، لأنه لو وقع المنجز لوقع قبله ثلاثا، وإذا وقع الثلاث قبله لا يقع المنجز للبينونة.
الوجه الثاني: يقع المنجز فقط، ولا يقع المعلق ولا شئ منه. وهو اختيار صاحب التلخيص، والشيخ أبي مزيد، وابن الصباغ. وصاحب التتمة، والشريف ناصر الدين العمري، واختاره الغزالي. وصنف فيه مصنفا. سماه: علية الغور في دراية الدور ثم رجع عنه. وصنف تصنيفا في إبطاله سماه: الغور في الدور واختار فيه وقوع المنجز.
قال الرافعي في الشرح الكبير: ويشبه أن يكون به أولى. وصححه في الشرح الصغير.