يكن له حق في التقديم فلهم منعه سواء كان لهم في ذلك مضرة أولا لما ذكرنا ان حرمة التصرف في حق الغير لا تقف على المضرة والله سبحانه وتعالى أعلم * (كتاب الشهادة) * الكلام في هذا الكتاب في مواضع في بيان ركن الشهادة وفي بيان شرائط الركن وفي بيان ما يلزم الشاهد بتحمل الشهادة وفي بيان حكم الشهادة أما ركن الشهادة فقول الشاهد أشهد بكذا وكذا وفى متعارف الناس في حقوق العباد هو الاخبار عن كون ما في يد غيره لغيره فكل ما أخبر بأن ما في يد غيره لغيره فهو شاهد وبه ينفصل عن المقر والمدعى والمدعى عليه على ما ذكرنا في كتاب الدعوى (فصل) وأما الشرائط في الأصل فنوعان نوع هو شرط تحمل الشهادة ونوع هو شرط أداء الشهادة (أما) الأول فثلاثة أحدها أن يكون عاقلا وقت التحمل فلا يصح التحمل من المجنون والصبي والذي لا يعقل لان تحمل الشهادة عبارة عن فهم الحادثة وضبطها ولا يحصل ذلك الا بآلة الفهم والضبط وهي العقل والثاني أن يكون بصيرا وقت التحمل عندنا فلا يصح التحمل من الأعمى وعند الشافعي رحمه الله البصر ليس بشرط لصحة التحمل ولا لصحة الأداء لان الحاجة إلى البصر عند التحمل لحصول العلم بالمشهود به وذلك يحصل بالسماع وللأعمى سماع صحيح فيصح تحمله الشهادة ويقدر على الأداء بعد التحمل (ولنا) أن الشرط هو السماع من الخصم لان الشهادة تقع له ولا يعرف كونه خصما الا بالرؤية لان النغمات يشبه بعضها بعضا (وأما) البلوغ والحرية والاسلام العدالة فليست من شرائط التحمل بل من شرائط الأداء حتى لو كان وقت التحمل صبيا عاقلا أو عبدا أو كافر أو فاسقا ثم بلغ الصبي وعتق العبد وأسلم الكافر وتاب الفاسق فشهدوا عند القاضي تقبل شهادتهم وكذا العبد إذا تحمل الشهادة لمولاه ثم عتق فشهد له تقبل وكذا المرأة إذا تحملت الشهادة لزوجها ثم بانت منه فشهدت له تقبل شهادتها لان تحملها الشهادة للمولى والزوج صحيح وقد صارا من أهل الأداء بالعتق والبينونة فتقبل شهادتهما ولو شهد الفاسق فردت شهادته لتهمة الفسق أو شهد أحد الزوجين لصاحبه فردت شهادته لتهمة الزوجية ثم شهدوا في تلك الحادثة بعد التوبة والبينونة لا تقبل ولو شهد العبد أو الصبي العاقل أو الكافر على مسلم في حادثة فردت شهادته ثم أسلم الكافر وعتق العبد وبلغ الصبي فشهدوا في تلك الحادثة بعينها تقبل (ووجه) الفرق ان الفاسق والزوج لهما شهادة في الجملة وقد وردت فإذا شهدوا بعد التوبة وزوال الزوجية في تلك الحادثة فقد أعاد تلك الشهادة وهي مردودة والشهادة المردودة لا تحتمل القبول بخلاف الكافر والعبد والصبي لأنه لا شهادة للكافر على المسلم أصلا وكذا الصبي والعبد لا شهادة لهما أصلا فإذا أسلم الكافر وعتق العبد وبلغ الصبي فقد حدثت لهم بالاسلام والعتق والبلوغ شهادة وهي غير المردودة فقبلت فهو الفرق الثالث أن يكون التحمل بمعاينة المشهود به بنفسه لا بغيره الا في أشياء مخصوصة يصح التحمل فيها بالتسامع من الناس لقوله عليه الصلاة والسلام للشاهد إذا علمت مثل الشمس فاشهد والا فدع ولا يعلم مثل الشمس الا بالمعاينة بنفسه فلا تطلق الشهادة بالتسامع الا في أشياء مخصوصة وهي النكاح والنسب والموت فله تحمل الشهادة فيها بالتسامع من الناس وان لم يعاين بنفسه لان مبنى هذه الأشياء على الاشتهار فقامت الشهرة فيها مقام المعاينة وكذا إذا شهد العرس والزفاف يجوز له ان يشهد بالنكاح لأنه دليل النكاح وكذا في الموت إذا شهد جنازة رجل أو دفنه حل له ان يشهد بموته واختلفوا في تفسير التسامع فعند محمد رحمه الله هو أن يشتهر ذلك ويستفيض وتتواتر به الاخبار عنده من غير تواطؤ لان الثابت بالتواتر والمحسوس بحس البصر والسمع سواء فكانت الشهادة بالتسامع شهادة عن معاينة فعلى هذا إذا أخبره بذلك رجلان أو رجل وامرأتان لا يحل له الشهادة ما لم يدخل في حد التواتر وذكر أحمد بن عمر وبن مهران الخصاف انه إذا أخبره رجلان عدلان أو رجل
(٢٦٦)