سوقها فهو جائز على المضاربة استحسانا والقياس ان لا يجوز (وجه) القياس انه شرط عليه العمل في مكان معين فلا يجوز في غيره كما لو شرط ذلك في بلد معين (وجه) الاستحسان ان التقييد بسوق الكوفة غير مفيد لان البلد الواحد بمنزلة بقعة واحدة فلا فائدة في التعليق بهذا الشرط فيلغو الشرط ولو قال له اعمل به في سوق الكوفة أو لا تعمل به الا في سوق الكوفة فعمل في غير سوق الكوفة يضمن لان قوله لا تعمل الا في سوق الكوفة حجر له فلا يجوز تصرف بعد الحجر وفي الفصل الأول ما حجر عليه بل شرط عليه ان يكوع عمله في السوق والشرط غير مفيد فلغا ولو قال له خذ هذا المال تعمل به في الكوفة لم يجزله العلم في غيرها لان في كلمة ظرف فقد جعل الكوفة ظرفا للتصرف الذي أذن له فيه فلو جاز في غيرها لم تكن الكوفة ظرفا لتصرفه وكذلك إذا قال له فاعمل به في الكوفة لما قلنا ولان الفاء من حروف التعليق فتوجب تعلق ما قبلها بما بعدها وإنما يتعلق إذا لم يجز التصرف في غيرها وكذلك إذا قال خذ هذا المال بالتصرف بالكوفة لان الباء حرف الصاق فتقتضي التصاق الصفة بالموصوف وهذا يمنع جواز التصرف في غيرها ولو قال خذ هذا المال مضاربة واعمل به في الكوفة فله أن يعمله بالكوفة وحيث ما بدا له لان قوله خذ هذا المال مضاربة اذن له في التصرف مطلقا وقوله واعمل به في الكوفة اذن له بالعمل في الكوفة فكان له أن يعمل في أي موضع شاء كمن قال لغيره أعتق عبدا من عبيدي ثم قال له أعتق عبدي سالما ان له أن يعتق أي عبد شاء ولا يتقيد التوكيل باعتاق سالم كذا هذا إذا لمضاربة توكيل بالشراء والبيع ولو قال خذ هذا المال مضاربة إلى سنة جازت المضاربة عندنا وقال الشافعي رحمه الله المضاربة فاسدة (وجه) قوله أنه إذا وقت للمضاربة وقتا فيحتمل انه لا يحوز كونها في الوقت فلا يفيد العقد فائدة (ولنا) ان المضاربة توكيل والتوكيل يحتمل التخصيص بوقت دون وقت وذكر الطحاوي وقال لم يجز عند أصحابنا توقيت المضاربة وقياس قولهم في الوكالة انها لا تختص بالوقت لأنهم قالوا لو وكل رجلا ببيع عبده اليوم فباعه غدا جاز كالوكالة المطلقة وما قاله ليس بسديد لأنهم قالوا في الوكيل إذا قيل له بعد اليوم ولا تبعه غدا جاز ذلك ولم يكن له أن يبيعه غدا وكذا إذا قيل له على أن تبيعه اليوم دون غد ولو قال خذ هذا المال مضاربة بالنصف على أن تشترى به الطعام أو قال فاشتر به الطعام أو قال تشترى به الطعام أو قال خذ هذا المال مضاربة بالنصف في الطعام فذلك كله سواء وليس له أن يشترى سوى الطعام بالاجماع لما ذكرنا على أن ان للشرط والأصل في الشرط المذكور في الكلام اعتباره والفاء لتعليق ما قبلها بما بعدها وقوله يشترى به الطعام تفسير التصرف المأذون به وقوله في الطعام ففي كلمة ظرف فإذا دخلت على مالا يصلح ظرفا تصير بمعنى الشرط وكل ذلك يقتضى التقييد بالشرط المذكور وانه شرط مفيد لان بعض أنواع التجارة يكون أقرب إلى المقصود من بعض وكذا الناس مختلفون في ذلك فقد يهتدى الانسان إلى بعض التجارة دون بعض فكان الشرط مفيدا فيتقيد به ولا يملك أن يشترى غير الطعام والطعام هو الحنطة ودقيقها إذ لا يراد به كل ما يتطعم بل البعض دون البعض والامر يختلف باختلاف عادة البلدان فاسم الطعام في عرفهم لا ينطلق الاعلى الحنطة ودقيقها وكذلك لو ذكر جنسا آخر بان قال له خذ هذا المال مضاربة بالنصف على أن تشترى به الدقيق أو الخبز أو البر أو غير ذلك ليس له أن يعمل من غير ذلك الجنس بلا خلاف لكن له ان يشترى ذلك الجنس في المصر وغيره وان يبضع فيه وان يعمل فيه جميع ما يعمله المضارب في المضاربة المطلقة لما ذكرنا ان اللفظ المطلق إذا قيد ببعض الأشياء يبقى على اطلاقه فيا وراءه وقال ابن سماعة سمعت محمدا قال في رجل دفع إلى رجل مالا مضاربة فقال له ان اشتريت به الحنطة فلك من الربح النصف ولى النصف وان اشتريت به الدقيق فلك الثلث ولى الثلثان فقال هذا جائز وله أن يشترى أي ذلك شاء على ما سمى له رب المال لأنه خيره بين عملين مختلفين فيجوز كما لو خير الخياط بين الخياطة الرومية والفارسية ولو دفع إليه على أنه ان عمل في المصر فله ثلث الربح وان سافر فله النصف جاز والربح بينهما على ما شرطا ان عمل في المصر فله الثلث وان سافر فله النصف ولو اشترى في المصر وباع في السفر أو اشترى في السفر وباع في المصر فقد روى عن محمد أنه قال المضاربة في هذا على الشراء فان اشترى في المصر فما ربح في ذلك المتاع فهو على ما شرط في المصر سواء
(٩٩)