وإذا دفع مضاربة بالنصف كان ما رزقه الله تعالى للمضارب الأول النصف فكان النصف للثاني والنصف بينهما نصفين وإذا دفعه مضاربة بالثلثين كان الذي رزقه الله تعالى الثلث والثلثان للثاني والثلث بينهما لكل واحد منهما السدس في الفصل الأول رب المال إنما شرط لنفسه نصف جميع ما رزق الله تعالى ونصف جميع الربح وذلك ينصرف إلى كل الربح وكذا له أن يخلط مال المضاربة بمال نفسه لأنه فوض الرأي إليه وقد رأى الخلط وإذا ربح قسم الربح على المالين فربح ماله يكون له خاصة وربح مال المضاربة يكون بينهما على الشرط وكذا له أن يشارك غيره شركة عنان لما قلنا ويقسم الربح بينهما على الشرط لان الشرط قد صح وإذا قسم الربح بينهما يكون مال المضاربة مع حصة المضارب من الربح فيستوفى منها رب المال رأس ماله وما فضل يكون بينهما على الشرط (وأما) القسم الذي ليس للمضارب أو يعمله أصلا ورأسا فشراء مالا يملك بالقبض ومالا يجوز بيعه فيه إذا قبضه (اما) الأول فنحو شراء الميتة والدم والخمر والخنزير وأم الولد والمكاتب والمدبر لان المضاربة تتضمن الاذن بالتصرف الذي يحصل به الربح والربح لا يحصل الا بالشراء والبيع فمالا يملك بالشراء لا يحصل فيه الربح وما يملك بالشراء لكن لا يقدر على بيعه لا يحصل فيه الربح أيضا فلا يدخل تحت الاذن فان اشترى شيئا من ذلك كان مشتريا لنفسه لا للمضاربة فان دفع فيه شيئا من مال المضاربة يضمن وان اشترى ثوبا أو عبدا أو عرضا من العروض بشئ مما ذكرنا سوى الميتة والدم فالشراء على المضاربة لأن المبيع هنا مما يملك بالقبض ويجوز بيعه فكان هذا شراء فاسدا والاذن بالشراء المستفاد بعقد على المضاربة يتناول الصحيح والفاسد (وأما) إذا كان الثمن ميتة أو دما فما اشترى به لا يكون على المضاربة لان الميتة والدم لا تملك بالقبض أصلا (وأما) الثاني فنحو أن يشترى ذا رحم محرم من رب المال فلا يكون المشترى للمضاربة بل يكون مشتريا لنفسه لأنه لو وقع شراؤه للمضاربة لعتق على رب المال فلا يقدر على بيعه بعد ذلك ولا يحصل المقصود من الاذن فلا يدخل تحت الاذن ولو اشترى ذا رحم محرم من نفسه فإن لم يكن في المال ربح فالشراء على المضاربة لأنه لا ملك له فيه فيقدر على بيعه فيحصل المقصود وإن كان في المال ربح لم يكن الشراء على المضاربة لأنه إذا كان في المضاربة ربح يملك قدر نصيبه من الربح فيعتق ذلك القدر عليه فلا يقدر على بيعه؟ ولا على بيع الباقي لأنه معتق البعض ومالا يقدر على بيعه لا يكون للمضاربة لما قلنا (وأما) المضاربة المفيدة فحكمها حكم المضاربة المطلقة في جميع ما وصفنا لا تفارقها الا في قدر القيد والأصل فيه ان القيد إن كان مفيدا يثبت لان الأصل في الشروط اعتبارها ما أمكن وإذا كان القيد مفيدا كان يمكن الاعتبار فيعتبر لقول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام المسلمون عند شروطهم فيتقيد بالمذكور ويبقى مطلقا فيما وراءه على الأصل المعهود في المطلق إذا قيد ببعض المذكور انه يبقى مطلقا فيما وراءه كالعام إذا خص منه بعضه انه يبقى عاما فيما وراءه وان لم يكن مفيدا لا يثبت بل يبقى مطلقا لان مالا فائدة فيه يلغو ويلحق بالعدم إذا عرفنا هذا فنقول إذا دفع رجل إلى رجل مالا مضاربة على أن يعمل به في الكوفة فليس له أن يعمل في غير الكوفة لان قوله على أن من ألفاظ الشرط وانه شرط مفيد لان الأماكن تختلف بالرخص والغلاء وكذا في السفر خطر فيعتبر وحقيقة الفقه في ذلك ان الاذن كان عدما وإنما يحدث بالعقد فيبقى فيما وراء ما تناوله العقد على أصل العدم وكذا لا يعطيها بضاعة لمن يخرج بها من الكوفة لأنه إذا لم يملك الاخراج بنفسه فلان لا يملك الامر بذلك أولى وان أخرجها من الكوفة فان اشترى بها وباع ضمن لأنه تصرف لا على الوجه المأذون فصار فيه مخالفا فيضمن وكان المشترى لنفسه له ربحه وعليه وضيعته لكن لا يطيب له الربح عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف يطيب وان لم يشتر بها شيئا حتى ردها إلى الكوفة برئ من الضمان ورجع المال مضاربة على حاله لأنه عاد إلى الوفاق قبل تقرر الخلاف فيبرأ عن الضمان كالمودع إذا خالف ثم عاد إلى الوفاق ولو لم يرده حتى هلك قبل التصرف لا ضمان عليه لأنه لما لم يتصرف لم يتقرر الخلاف فلا يضمن ولو اشترى ببعضه ورد بعضه فما اشتراه فهو له وما رد رجع على المضاربة لأنه تقرر الخلاف في القدر المشترى وزال عن القدر المردود ولو دفع إليه على أن يعمل في سوق الكوفة فعمل في الكوفة في غير
(٩٨)