الرق ومن أصحابنا من قال إنما افترقت المسئلتان لو صفهما لان سبب العتق في مسألة الزيادة زيادة قيمة الولد وفى المسألة الأخرى سبب العتق قبض رب المال العقر فلما شارك رب المال المضارب في سبب عتقه أن يجتمع ربحه في الجارية (وأما) في المسألة الأخرى لما كان عتقه بسبب الزيادة صرف نصيب رب المال إلى الجارية لان المضارب قد ملكها وقد قيل أيضا ان في تلك المسألة إنما قصد تكثير العتق وفي المسألة الأخرى إذا لم تزد القيمة لا يتبين تكثير العتق لان الفضل فيما بينهما مقدار نصف العشر فلا يتبين بذلك المقدار تكثير العتق وقد قالوا في المضارب إذا اشترى جارية بألف فولدت ولدا يساوى ألفا فادعاه رب المال ثبت النسب وعتق الولد وصارت الجارية أم ولد له وانتقضت المضاربة ولا ضمان عليه لان دعوته صادفت ملكه فثبت النسب واستندت الدعوة إلى وقت العلوق ولا قيمة للولد في ذلك الوقت ولا فضل في المال فلا تجب عليه القيمة ولا العقر لأنه وطئ ملك نفسه وليس له أن يزوج عبدا ولا أمة من مال المضاربة في قول أبي حنيفة ومحمد عليهما الرحمة وعند أبي يوسف رحمه الله يزوج الأمة ولا يزوج العبد وقد ذكرنا المسألة في موضع آخر وروى ابن رستم عن محمد انه ليس له أن يزوج أمة من المضاربة لأنه لا يملك أن يشترى شيئا من مال المضاربة لنفسه فلا يملك أن يعقد على جارية المضاربة لنفسه فان تزوج باذن رب المال فهو جائز إذا لم يكن في المال ربح وقد خرجت من المضاربة أما الجواز فلانه إذا لم يكن في المال ربح لم يكن للمضارب فيها ملك وإنما له حق التصرف وانه لا يمنع النكاح كالعبد المأذون (وأما) خروج الأمة عن المضاربة فلان العادة ان من تزوج أمة حصنها ومنعها من الخروج والبروز والمضاربة تقتضي العرض على البيع وابرازها للمشترى وكان اتفاقهما في التزويج اخراجا إياها عن المضاربة ويحسب مقدار قيمتها من رأس المال لأنه لما أخرجها من المضاربة صار كأنه استرد ذلك القدر من رأس المال وقد قال الحسن بن زياد عن أبي حنيفة ان المضارب ن لا يملك أن يزوج أمة من المضاربة لعبد من المضاربة لان تصرف المضارب يختص بالتجارة والتزويج ليس من التجارة وذكر القدوري رحمه الله وقال ينبغي أن يكون هذا قولهم لان عند أبي يوسف إن كان يملك تزويج الأمة لا يملك تزويج العبد ولو أخذ المضارب نخلا أو شجرا أو رطبة معاملة على أن ينفق من المال لم يجز على رب المال وإن كان قال له رب المال حين دفع إليه اعمل فيه برأيك لان الاخذ منه معاملة عقد على منافع نفسه ومنافع نفس المضارب لا تدخل تحت عقد المضاربة فصار كما لو آجر نفسه للخدمة ولا يعتبر ما شرط من الانفاق لان ذلك ليس بمعقود عليه بل هو تابع للعمل كالخيط في إجارة الخياط والصبغ في الصباغة وكذا لا يعتبر قوله اعمل برأيك لما ذكرنا ان ذلك يفيد تفويض الرأي إليه في المضاربة والمضاربة تصرف في المال وهذا عقد على منافع نفسه ومنافع نفس المضارب لا يجوز أن يستحق بدلها رب المال ولو أخذ أرضا مزارعة على أن يزرعها فما خرج من ذلك كان نصفين فاشترى طعاما ببعض الزارعة فزرعه قال محمد هذا يجوز ان قال له اعمل برأيك وان لم يكن قال له اعمل برأيك لم يجز لأنه يوجب حقا لرب الأرض في مال رب المال فيصير كأنه شاركه بمال المضاربة وانه لا يملك الاشراك باطلاق العقد ما لم يقل اعمل برأيك فإذا قال ملك كذا هذا وقال الحسن بن زياد ان الأرض والبذر والبقر إذا كان من قبل رب الأرض والعمل على المضارب لم يكن ذلك على المضاربة بل يكون للمضارب خاصة لما ذكرنا انه عقد على منافع نفسه فكان له بدل منافع نفسه فلا يستحقه رب المال وكذلك إذا شرط البقر على المضارب لأن العقد وقع على منفعته وإنما البقر آلة العمل والآلة تبع ما لم يقع عليها العقد ولو دفع المضارب أيضا بغير بذر مزارعة جازت سواء قال اعمل برأيك أولم يقل لأنه لم يوجب شركة في مال رب المال إنما آجر أرضه والإجارة داخلة تحت عقد المضاربة والله عز وجل أعلم (وأما) القسم الذي للمضارب أن يعمله إذا قيل له اعمل برأيك وان لم ينص عليه فالمضاربة والشركة والخلط فله أن يدفع مال المضاربة مضاربة إلى غيره وان يشارك غيره في مال المضاربة شركة عنان وأن يخلط مال المضاربة بمال نفسه إذا قال له رب المال اعمل برأيك وليس له أن يعمل شيئا من ذلك إذا لم يقل له ذلك أما المضاربة فلان المضاربة مثل المضاربة
(٩٥)