واقتسما ما بقي من المال أثلاثا وعلى قوله الأول يأخذ وب المال ألفي درهم ويأخذ ثلثي الألف الأخرى لما بينا وإن كان في يد المضارب قدر ما ذكر انه قبض من رأس المال أو أقل ولم يكن في يده أكثر مما أقر فالقول قول المضارب عندهم جميعا لأنه لا سبيل إلى قبول قول رب المال في ايجاب الضمان على المضارب فان جاء المضارب بثلاثة آلاف فقال ألف رأس المال وألف ربح وألف وديعة لآخر أو مضاربة لآخر أو بضاعة لآخر أو شركة لآخر أو على ألف دين فالقول في الوديعة والشركة والبضاعة والدين قول المضارب في الأقاويل كلها لان من في يده شئ فالظاهر أنه له الا أن يعترف به لغيره ولم يعترف لرب المال بهذه الألف فكان القول قوله فيها وكل من جعلنا القول قوله في هذا الباب فهو مع يمينه ومن أقام منهما بينة على ما يدعى من فضل فالبينة بينة كل واحد منهما تثبت زيادة فبينة رب المال تثبت زيادة في رأس المال وبينة المضارب تثبت زيادة في الربح وقال محمد رحمه الله إذا قال رب المال شرطت لك ثلث الربح وزيادة عشرة دراهم وقال المضارب بل شرطت لي الثلث فالقول قول المضارب لأنهما اتفقا على شرط الثلث وادعى رب المال زيادة لا منفعة له فيها الافساد العقد فلا يقبل قوله وان قامت لهما بين فالبينة بينة رب المال لأنها تثبت زيادة شرط ولو قال رب المال شرطت لك الثلث الا عشرة وقال المضارب بل شرطت لي الثلث فالقول قول رب المال لأنه أقر له ببعض الثلث والمضارب يدعى تمام الثلث فلا يقبل قوله في زيادة شرطا لربح وفي هذا نوع اشكال وهو ان المضارب يدعى صحة العقد ورب المال يدعى فساده فينبغي أن يكون القول قول المضارب والجواب ان دعوى رب المال وان تعلق به فساد العقد لكنه منكر لزيادة يدعيها المضارب فيعتبر انكاره لأنه مفيد في الجملة ولو قال رب المال شرطت لك نصف الربح وقال المضارب شرطت لي مائة درهم أو لم تشترط لي شيئا ولى أجر المثل فالقول قول رب المال لان المضارب يدعى أجرا واجبا في ذمة رب المال ورب المال ينكر ذلك فيكون القول قوله فان أقام رب المال البينة على شرط النصف وأقام المضارب البينة على أنه لم يشترط له شيئا فالبينة بينة رب المال لأنها مثبتة للشرط وبينة المضارب نافية والمثبتة أولى ولو أقام المضارب البينة انه شرط له مائة درهم فبينته أولى لان البينتين استويا في اثبات الشرط وبينة المضارب أو جبت حكما زائدا وهو ايجاب الاجر على رب المال فكانت أولى وذكر الكرخي رحمه الله انهم جعلوا حكم المزارعة في هذا الباب حكم المضاربة الا في هذا الفصل خاصة وهو انه إذا أقام رب الأرض والبذر البينة على أنه شرطا للعامل نصف الخارج وقال العامل شرطت لي مائة قفيز فالبينة بينة الدافع وفي المضاربة البينة بينة المضارب والفرق بينهما ان المزارعة عقد لازم في جانب العامل بدليل ان من لا بذر له من جهته لو امتنع من العمل يجبر عليه فرجحنا بينة من يدعى الصحة والمضاربة ليست بلا زمة فان المضارب لو امتنع من العمل لا يجبر عليه فلم يقع الترجيح بالتصحيح فرجحنا بايجاب الضمان وهو الاجر ولو قال رب المال دفعت إليك بضاعة وقال المضارب مضاربة بالنصف أو مائة درهم فالقول قول رب المال لان المضارب يستفيد الربح بشرطه وهو منكر فكان القول قوله إنه لم يشترط ولان المضارب يدعى استحقاقا في مال الغير فالقول قول صاحب المال ولو قال المضارب أقرضتني المال والربح لي وقال رب المال دفعت إليك مضاربة أو بضاعة فالقول قول رب المال لان المضارب يدعى عليه التمليك وهو منكر فان أقاما البينة فالبينة بينة المضارب لأنها تثبت التمليك ولأنه لا تنافى بين البينتين لجواز أن يكون أعطاه بضاعة أو مضاربة ثم أقرضه ولو قال المضارب دفعت إلى مضاربة وقال رب المال أقرضتك فالقول قول المضارب لأنهما اتفقا على أن الاخذ كان باذن رب المال ورب المال يدعى على المضارب الضمان وهو ينكر فكان القول قوله فان قامت لهما بينة فالبينة وبين رب المال لأنها تثبت أصل الضمان ولو جحد المضارب المضاربة أصلا ورب المال يدعى دفع المال إليه مضاربة فالقول قول المضارب لان رب المال يدعى عليه قبض ماله وهو ينكر فكان القبول قوله ولو جحد ثم أقر فقد قال ابن سماعة في نوادره سمعت أبا يوسف قال في رجل دفع إلى رجل مالا مضاربة ثم طلبه منه فقال لم تدفع إلى شيئا ثم قال بلى استغفر الله العظيم قد دفعت إلى ألف درهم مضاربة فهو ضامن للمال لأنه أمين والأمين إذا جحد الأمانة ضمن كالمودع وهذا لان عقد
(١١٠)