وشركة مفاوضة ليكون بينهما كسبهما ببدنهما أو مالهما، وعليهما ما يعرض من غرم. وشركة وجوه بأن يشتركا ليكون بينهما ربح ما يشتريانه بمؤجل أو حال لهما ثم يبيعانه، وشركة عنان بكسر العين على المشهور، من عن الشئ، ظهر، وهي الصحيحة. ولهذا اقتصر المصنف عليها دون الثلاثة الباقية فباطلة لأنها شركة في غير مال كالشركة في احتطاب واصطياد ولكثرة الغرر فيها، لا سيما شركة المفاوضة.
نعم إن نويا بالمفاوضة وفيها مال شركة العنان صحت. وأركان شركة العنان خمسة: عاقدان ومعقود عليه وعمل وصيغة، ذكر المصنف بعضها وذكر شروطا خمسة فقال: (وللشركة) المذكورة (خمس شرائط) والخامس منها على وجه ضعيف وهو المبدوء به في كلامه بقوله: (أن تكون على ناض) أي مضروب (من الدراهم والدنانير) لا على التبر والسبائك ونحو ذلك من أنواع المثلي والأصح صحتها في كل مثلي، أما النقد الخالص فبالاجماع، وأما المغشوش ففيه وجهان أصحهما كما في زوائد الروضة جوازه إن استمر رواجه، وأما غير النقد من المثليات كالبر والشعير والحديد فعلى الأظهر لأنه إذا اختلط بجنسه ارتفع التمييز فأشبه النقدين ومن المثلي تبر الدراهم والدنانير، فتصح الشركة فيه فما أطلقه الأكثرون هنا من منع الشركة فيه، ولعل منهم المصنف، مبني على أنه متقوم كما نبه عليه في أصل الروضة وهي لا تصح في المتقوم إذ لا يمكن الخلط في المتقومات لأنها أعيان متميزة، وحينئذ قد يتلف مال أحدهما أو ينقص فلا يمكن قسمة الآخر بينهما. إذا علمت ذلك فالمعتمد حينئذ أن الشروط أربعة فقط: الأول منها (أن يتفقا) أي المالان (في الجنس والنوع) دون القدر إذا لا محذور في التفاوت فيه لأن الربح والخسران على قدرهما. (و) الثاني (أن يخلطا المالين) بحيث لا يتميزان لما مر في امتناع المتقوم، ولا بد من كون الخلط قبل العقد فإن وقع بعده ولو في المجلس لم يكف إذ لا اشتراك حال العقد فيعاد العقد بعد ذلك. ولا يكفي الخلط مع إمكان التمييز لنحو اختلاف جنس كدراهم ودنانير، أو صفة كصحاح ومكسرة وحنطة جديدة وحنطة عتيقة أو بيضاء وسوداء لامكان التمييز وإن كان فيه عسر.
تنبيه: قضية كلام المصنف أنه لا يشترط تساوي المثلثين في القيمة وهو كذلك، فلو خلطا قفيزا مقوما بمائة قفيز مقوم بخمسين صح وكانت الشركة أثلاثا بناء على قطع النظر في المثلي عن تساوي الاجزاء