ويسمى الطعام الذي يتخذ لسبب ومن غير سبب مأدبة بضم الدال، وبفتحها التأديب، وفى الأثر الجوع مأدبة الله في أرضة، إذا ثبت هذا فقد أخذ بالوجوب المالكية نقله القرطبي عن مذهبه ثم قال، ومشهور المذهب أنها مندوبه، وروى ابن التين الوجوب عن مذهب أحمد لكن الذي في المغنى أنها سنه، وكذلك حكى الوجوب الروياني في البحر عن أحد قولي الشافعي وحكاه ابن حزم عن أهل الظاهر، وقال سليم الرازي إنه نص الام.
وحكى المصنف الوجوب عن نص الام، وحكاه في فتح الباري عن بعض الشافعية، وبهذا يظهر ثبوت الخلاف في الوجوب، وقد قال ابن بطال لا أعلم أحدا أو جبها وليس هذا صحيحا، وكذا قال ابن قدامه، ومن جملة أدلة من أوجبها ما أخرجه الطبراني من حديث وحشي بن حرب مرفوعا (الوليمة حق وسنه فمن دعى إليها فلم يجب فقد عصى) وأخرج أحمد من حديث بريدة قال (لما خطب على فاطمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لا بد للعروس من وليمة) قال الحافظ وسنده لا بأس به، وفى صحيح مسلم (شر الطعام طعام الوليمة ثم قال وهو حق) قال في الفتح، وقد اختلف السلف في وقتها هل هو عند العقد أو عقبه، أو عند الدخول أو عقبه، وسيأتي بيان ذلك.
وحكى الشيخ أبو حامد في التعليق في الوليمة قولين وأكثر أصحابنا حكاهما وجهين، أحدهما واجبه لحديث (أولم ولو بشاة) وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفيه بسويق وتمر. ولأنه لما كانت الإجابة إليه واجبه كان فعلها واجبا. والثاني أنها تستحب ولا تجب لقوله صلى الله عليه وسلم (ليس في المال حق سوى الزكاة) ولأنه طعام عند حادث سرور فلم يكن واجبا كسائر الأطعمة وأما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فمحمول على الاستحباب، وأما ما ذكره من الإجابة فيبطل بالسلام فإنه لا يجب، وإجابته واجبه، وقد حكى الصيمري وجها ثالثا أن الوليمة فرض على الكفاية، فإذا فعلها واحد أو اثنان في الناحية والقبيلة وشاع في الناس وظهر سقط الفرض عن الباقين، وظاهر النص هو الأول، وأقل المستحب في الوليمة للمتمكن شاة لحديث (أولم ولو بشاة) فان نقص عن ذلك جاز لوليمة صفيه والسويق والتمر أقل من شاه في العادة.