لها الخيار لأنه تعذر عليها تسليم العوض والمعوض باق بحاله فكان لها الرجوع إلى المعوض كما لو أفلس المشترى بالثمن والمبيع باق بحاله. والثاني: لا يثبت لها الخيار، لان تأخير المهر ليس فيه ضرر متحقق فهو بمنزلة نفقة الخادم إذا أعسر بها الزوج. ومنهم من قال: إن كان قبل الدخول ثبت لها الخيار قولا واحدا.
وإن كان بعد الدخول ففيه قولان (أحدهما) لا يثبت لها الخيار قولا واحدا.
وإن كان بعد الدخول ففيه قولان (أحدهما) لا يثبت لها الخيار لان المعقود عليه قد تلف فهو كما لو أتلف المبيع في يد المشترى ثم أفلس (والثاني) لا يثبت لها الخيار وهو اختيار الشيخ أبي إسحاق، لأن المرأة يجب عليها التمكين من الوطئ وجميعه في مقابلة الصداق، وإنما سلمت بعضه فكان لها الفسخ في الباقي فهو كما لو وجد البائع بعض المبيع في يد المفلس. ومنهم من قال: إن كان قبل الدخول ثبت لها الخيار قولا واحدا، وإن كان بعده لم يثبت لها الخيار قولا واحدا. لان قبل الدخول لم يتلف البضع، وبعد الدخول قد تلف البضع، لان المسمى يستقر بالوطئ الأول كما يستقر الثمن بتسليم جميع المبيع، وباقي الوطئات تبع للأولة، فإذا تزوجت امرأة رجلا مع العلم بإعساره بالمهر، وقلنا لها الخيار إذا لم تعلم به فهل يثبت لها الخيار ههنا؟ فيه وجهان حكاهما ابن الصباغ.
(أحدهما) لا يثبت لها الخيار لأنها رضيت بتأخيره بخلاف النفقة فان النفقة لا تجب العقد ولأنه قد يتمكن المعسر من النفقة بالكسب والاجتهاد بخلاف الصداق (والثاني) يثبت لها الخيار لأنه يجوز أن يقدر عليه بعد العقد، فلا يكون باعساره رضا بتأخير الصداق كالنفقة، وإذا أعسر بالصداق فرضيت بالمقام معه لم يكن لها الخيار بعد ذلك، لان حق الصداق لم يتجدد بخلاف النفقة. هذا ترتيب البغداديين. وقال المسعودي إذا رضيت باعساره بالمهر ثم رجعت، فإن كان قبل الدخول، كان لها الامتناع، وإن كان بعد الدخول لم يكن لها الامتناع، وان رضيت بالمقام معه بعدما أعسر بالصداق سقط حقها من الفسخ ولا يلزمها أن تسلم نفسها بل لها أن تمتنع حتى يسلم صداقها، لان رضاها إنما يؤثر في إسقاط الفسخ دون الامتناع، ولا يصح الفسخ للاعسار بالصداق إلا بإذن الحاكم لأنه مجتهد فيه كفسخ النكاح بالعيب.