المهر والزوج، فهل يتحالفان؟ اختلف أصحابنا فمنهم من قال: يحلف الزوج وتوقف يمين الزوجة إلى أن تبلغ أو تفيق، ولا يحلف الولي لان النيات لا تدخل في اليمين، وحمل النص على أنه أراد به العطف على قوله، وبدأت بيمين الزوج مع الكبيرة ثم مع أبي الصغيرة، وذهب أبو العباس وأبو إسحاق وأكثر أصحابنا إلى أن الأب والجد يحلفان مع الزوج على ظاهر قول الشافعي رحمه الله وهو الصحيح، لأنه عاقد فحلف كما لو وكل رجل ببيع سلعة فاختلف هو والمشترى فإنه يحلف، إذا ثبت هذا فإن التحالف بينهما إنما يتصور بشرطين.
(أحدهما) إذا ادعى الأب والجد أنه زوجها بأكثر من مهر المثل، وادعى الزوج أنه إنما تزوجها بمهر المثل، فأما إذا اختلفا في مهر المثل أو أقل منه فلا تحالف بينهما لأنها إذا زوجها بأقل من مهر المثل ثبت لها مهر المثل.
(والثاني) إذا كانت المنكوحة عند الاختلاف صغيرة أو مجنونة، فأما إذا بلغت أو أفاقت قبل التحالف فان عامة أصحابنا قالوا: لا يحلف الولي لأنه لو أقر عنها بما يدعى الزوج لم يقبل في هذه الحالة بخلاف ما قبل البلوغ والإفاقة، فإنه لو أقر بما يدعى الزوج من مهر المثل قبل اقراره، وقال القاضي أبو الطيب والشيخ أبو إسحاق: يقبل حلف الولي، لان الوكيل يحلف وان لم يقبل اقراره فكذلك الولي ههنا.
(فرع) إذا ادعت المرأة أنه عقد عليها النكاح يوم الخميس بعشرين ثم عقد عليها يوم الجمعة بثلاثين وأقامت على ذلك بينة وطلبت المهرين. قال الشافعي رضي الله عنه: فهما لها، لأنه يجوز أن يكون تزوجها يوم الخميس بعشرين ثم خالعها بعد الدخول ثم تزوجها وطلقها قبل الدخول ثم تزوجها فيلزمه المهران، فان قال الزوج: إنما عقدت يوم الجمعة تكرارا وتأكيدا فالقول قولها مع يمينها لأن الظاهر لزومها.
قال المزني: للزوج أن يقول: كان الفراق قبل النكاح الثاني قبل الدخول، فلا يلزمه الا نصف الأول وجميع الثاني، لان القول قوله أنه لم يدخل في الأول قال أصحابنا: إنما قصد الشافعي رحمه الله أن المهرين واجبان، فان ادعى سقوط نصف الأول بالطلاق قبل الدخول كان القول قوله، لان الأصل عدم الدخول