قال (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) وهذا ورد فيما بعد الطلاق، والذي بيده عقدة النكاح عليها هو الولي دون الزوج، ولان الكناية ترجع إلى أقرب مذكور قبله، وأقرب مذكور قبل هذا هو نصف المرأة، ولان الله تعالى ذكر العفو في الآية في ثلاثة مواضع، فإذا حمل هذا على الولي حصل لكل عفو فائدة، وإذا حمل على غير جعل أحدهما مكررا.
وقال في الجديد الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، وبه قال علي بن أبي طالب وجبير بن مطعم وابن المسيب وسعيد بن جبير ومجاهد وشريح وأهل الكوفة والثوري وأبو حنيفة وأصحابه، فيكون تقدير الآية (الا أن يعفون) يعنى الزوجات أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح، يعنى الزوج وأن يعفوا أقرب للتقوى، يعنى أن عفو الأزواج أفضل من عفو الزوجات، لقوله تعالى (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) وقال العلامة صديق خان في كتابه نيل المرام (ومعنى: أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) قيل هو الزوج.
ثم ذكر جماعة من القائلين به إلى أن قال (وفى هذا القول قوة وضعف.
اما قوته فلكون الذي بيده عقدة النكاح حقيقة هو الزوج لأنه الذي إليه رفعه بالطلاق. وأما ضعفه فلكون العفو منه غير معقول، وما قالوا به من أن المراد بعفوه أن يعطيها المهر كاملا غير ظاهر، لان العفو لا يطلق على الزيادة. وقيل المراد بقوله (أو يعفو الخ) هو الولي، إلى أن قال وفيه أيضا قوة وضعف، أما قوته فلكون معنى العفو فيه معقولا. وأما ضعفه فلكون عقدة النكاح بيد الزوج لا بيده.
ومما يزيد هذا القول ضعفا أنه ليس للولي أن يعفو عن الزوج مما لا يملكه وقد حكى القرطبي الاجماع على أن الولي لا يملك شيئا من مالها، والمهر مالها، فالراجح ما قاله الأولون لوجهين. الأول أن الزوج هو الذي بيده عقدة النكاح حقيقة، الثاني أن عفوه بإكمال المهر هو صادر عن مالك مطلق التصرف بخلاف الولي، وتسميته الزيادة عفوا وإن كان خلاف الظاهر، لكن لما كان الغالب أنهم يسوقون المهر كاملا عند العقد، كان العفو معقولا، لأنه تركه لها ولم يسترجع النصف منه، ولا يحتاج لهذا أن يقال إنه من باب المشاكلة كما في الكشاف