فيه حجة كما قال النووي لاحتمال أن يكونا خطباها معا أو لم يعلم الثاني بخطبة الأول والنبي صلى الله عليه وسلم أشار بأسامة ولم يخطب، وعلى تقدير أن ذلك كان خطبة فلعله كان بعد ظهور رغبتهما عنها، وظاهر حديث فاطمة أن أسامة خطبها مع معاوية وأبى الجهم فهي عند أحمد ومسلم وأصحاب السنن الخمسة: أبى داود والترمذي وابن ماجة والنسائي والدارقطني (قالت: وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حللت فآذنيني فأذنته فخطبها معاوية وأبو الجهم وأسامة بن زيد. الحديث) وعن بعض المالكية لا تمتنع الخطبة إلا بعد التراضي على الصداق. ولا دليل على ذلك. وقال داود: إذا تزوجها الثاني فسخ النكاح قبل الدخول وبعده.
وللمالكية في ذلك قولان، فقال بعضهم يفسخ قبله لا بعده. قال في الفتح:
وحجة الجمهور أن المنهى عنه الخطبة وهي ليست شرطا في صحة النكاح فلا يفسخ النكاح بوقوعها غير صحيحة.
قال في الام: وإن قالت امرأة لوليها زوجني من شئت أو ممن ترى، حل لكل أحد خطبتها لحديث فاطمة بنت قيس قالت: طلقني زوجي أبو حفص بالشام ثلاثا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فأمرني أن أعتد في بيت أم مكتوم وقال: إذا حللت فآذنيني، فلما انقضت عدتي أتيته فأخبرته وقلت له إن معاوية وأبا جهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما معاوية فصعلوك لا مال له: وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه، ولكن أدلك على من هو خير لك منهما، قلت ومن يا رسول الله؟ قال أسامة بن زيد، قلت أسامة.
قال نعم أسامة. الخ الحديث.
قال الشافعي رضي الله عنه، ولم تكن فاطمة رضي الله عنها أذنت في نكاحها من معاوية ولا من أبى الجهم، وإنما كانت تستشير النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن الرجلين إذا خطبا امرأة خطبها أحدهما بعد الاخر فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على الأخير منهما ثم خطبها النبي صلى الله عليه وسلم لثالث بعدهما فدل على جوازه وإن خطب رجل امرأة إلى وليها وكان ممن يخيرها فعرض له بالإجابة، ولم يصرح مثل أن يقول أنا أستشير في ذلك، أو أنت مرغوب فيك، أو يشترط بشرائط العقد مثل تقديم المهر وغيره، فهل يحرم على غيره خطبتها، فيه قولان،