قال في القديم يحرم على غيره خطبتها، وبه قال مالك وأبو حنيفة لقوله صلى الله عليه وسلم (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه) ولم يفصل. ولان فيه إفسادا لما يقارب بينهما.
وقال في الجديد لا يحرم على غيره خطبتها، وهو الصحيح، لان النبي صلى الله عليه وسلم خطب فاطمة بنت قيس لأسامة بعد أن أخبرته أن معاوية وأبا الجهم خطباها ولم يسألها هل ركنت إلى أحدهما أو رضيت به أم لا، فدل على أن الحكم لا يختلف بذلك، لأن الظاهر من حالها أنها ما جاءت تستشيره إلا وقد رضيت بذلك وركنت إليه.
قال الصيمري فإن خطب رجل خمس نسوة جملة واحدة فأذن في نكاحه لم يحل لاحد خطبة واحدة منهن حتى يترك أو يعقد على أربع، فيحل خطبة الخامسة، وان خطب كل واحده وحدها فأذنت كل واحدة في نكاحه لم يجز لغيره خطبة الأربع الأولات، ويحل خطبة الخامسة لغيره.
إذا ثبت هذا، فإن خطب رجل امرأة في الحالة التي قلنا لا يحل له خطبتها فيه وتزوجها صح ذلك. وقال داود لا يصح، وحكاه ابن الصباغ عن مالك رضي الله عنه. دليلنا أن المحرم إنما يفسد العقد إذا قارنه، فأما إذا تقدم عليه لم يفسده، كما لو قالت امرأة لا أتزوج فلانا حتى أراه مجردا فتجرد ثم تزوج بها.
إذا تقرر هذا فذكر أصحابنا في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها فوائد (وقد مر نصه) وقد اختلفت الروايات فيه، فروى أن زوجها طلقها بالشام فجاءها وكيله بشعير فسخطت به، فقال لها (مالك علينا شئ) فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تستفتيه فقال لها (لا نفقة لك الا أن تكوني حاملا) فإحدى فوائد الخبر انه دل على جواز الطلاق.
(الثانية) انه يدل على جواز الطلاق الثلاث (الثالثة) ان طلاق الغائب يقع (الرابعة) انه يجوز للمرأة ان تستفتي لان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليها (الخامسة) أن كلامها ليس بعورة (السادسة) انه يجوز للمعتدة أن تخرج من منزلها لحاجة (السابعة) انه لا نفقة للمبتوتة الحائل خلافا لأبي حنيفة (الثامن) ان للحامل المبتوتة النفقة (التاسعة) يدل على جواز نقل المعتدة