أن فاطمة بنت قيس قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم (إن معاوية وأبا الجهم خطباني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أبو الجهم فلا يضع العصا عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له فانكحي أسامة) وان عرض له بالإجابة ففيه قولان، قال في القديم تحرم خطبتها لحديث ابن عمر رضي الله عنه، ولان فيه إفسادا لما تقارب بينهما. وقال في الجديد لا تحرم لأنه لم يصرح له بالإجابة فأشبه إذا سكت عنه، فإن خطب على خطبة أخيه في الموضع الذي لا يجوز فتزوجها صح النكاح، لان المحرم سبق العقد فلم يفسد به العقد. وبالله التوفيق.
(الشرح) حديث ابن عمر رواه أحمد والبخاري والنسائي. وقد روى أحمد ومسلم عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر) وأخرج البخاري والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك) وفى لفظ للبخاري من حديث ابن عمر (نهى أن يبيع بعضكم على بيع بعض أو يخطب) وفى لفظ لأحمد من حديث الحسن عن سمرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه) وقد استدل الجمهور على تحريم الخطبة على الخطبة بهذه الأحاديث الناهية وجزموا بالتحريم.
وحكى النووي أن النهى فيه للتحريم بالاجماع. وقال الخطابي ان النهى ههنا للتأديب وليس بنهي تحريم يبطل العقد عند أكثر الفقهاء، قال الحافظ ولا ملازمه بين كونه للتحريم وبين البطلان عند الجمهور، بل هو عندهم للتحريم ولا يبطل العقد. ولكنهم اختلفوا في شروطه، فقالت الشافعية والحنابلة محل التحريم إذا صرحت المخطوبة بالإجابة أو وليها الذي أذنت له. وأما ما احتج به من حديث فاطمة بنت قيس الذي مضى تخريجه في الكفاءة أن معاوية وأبا الجهم خطباها فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عليهما، بل خطبها لأسامة فليس