(والثاني) لا يجوز له تزويجها لأنها غير منفية عنه قطعا، بدليل أنه لو أقر بها لحقته نسبتها، والابنة من الزنا لو عاد الزاني فأقر بنسبها لم يلحقه نسبها.
(فرع) وإن زنى رجل بزوجة رجل لم ينفسخ نكاحها، وبه قال عامة العلماء وقال علي بن أبي طالب: ينفسخ نكاحها وبه قال الحسن البصري. دليلنا حديث ابن عباس في الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن امرأتي لا ترد يد لامس، وقد مضى تخريجه في أول الفصل، فكنى الرجل عن الزنا بقوله (لا ترد يد لامس) ولم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم بانفساخ نكاحها.
(فرع) ولو قال رجل: أنا أحيط علما أن لي في هذه البلدة امرأة يحرم على نكاحها بنسب أو رضاع أو صهر ولا أعلم عينها، جاز له أن يتزوج من تلك البلدة لان في المنع من ذلك مشقة، كما لو كان في يد رجل صيد فانفلت واختلط بصيد ناحية ولم يتميز، فإنه لا يحرم على الناس أن يصطادوا من تلك الناحية، وان اختلطت هذه المرأة بعدد محصور من النساء قل ذلك العدد أو كثر حرم عليه أن يتزوج بواحدة منهن، لأنه لا مشقة عليه في اجتناب التزويج من العدد المحصور هكذا أفاده ابن الحداد المصري من أصحابنا. والله أعلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ويحرم عليه أن يجمع بين أختين في النكاح لقوله عز وجل (وأن تجمعوا بين الأختين) ولان الجمع بينهما يؤدى إلى العداوة وقطع الرحم، ويحرم عليه أن يجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها لما روى أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها) ولأنهما امرأتان لو كانت أحدهما ذكرا لم يحل له نكاح الأخرى، فلم يجز الجمع بينهما في النكاح كالأختين، فإن جمع بين الأختين أو بين المرأة وعمتها أو بين المرأة وخالتها في عقد واحد بطل نكاحهما لأنه ليست إحداهما بأولى من الأخرى فبطل نكاحهما، وان تزوج إحداهما بعد الأخرى بطل نكاح الثانية لأنها اختصت بالتحريم، وان تزوج إحداهما ثم طلقها فإن كان طلاقا بائنا حلت له الأخرى لأنه لم يجمع بينهما في الفراش، وإن كان رجعيا لم تحل لأنها باقية على الفراش.