أو مخرج التحريم، وهل الإشارة في قوله ذلك إلى الزنا أو إلى النكاح، قال وإنما صار الجمهور إلى حمل الآية على الذم لا على التحريم لحديث ابن عباس الذي سقناه. وقد حكى الروياني عن علي وابن عباس وابن عمر وجابر وسعيد بن المسيب وعروة والزهري والعترة ومالك والشافعي وربيعة وأبى ثور أنها لا تحرم على من زنى بها لقوله تعالى (وأحل لكم ما وراء ذلكم) وقوله صلى الله عليه وسلم (لا يحرم الحلال الحرام) أخرجه ابن ماجة من حديث ابن عمر وحكى عن الحسن البصري انه يحرم على الرجل نكاح من زنى بها على التأبيد واستدل بالآية.
وحكى أيضا عن قتادة وأحمد إلا إذا تابا لارتفاع سبب التحريم، وأجاب عنه في البحر بأنه أراد بالآية الزاني المشرك، واستدل بقوله تعالى (أو مشركة) قال وهي تحرم على الفاسق المسلم بالاجماع، ولا يخفى ما في هذا من تأويل يعطل فائدة الآية إذ منع النكاح مع الشرك والزنا حاصل بغير الآية، ويستلزم أيضا امتناع عطف المشرك والمشركة على الزاني والزانية.
وقال في البيان: إذا زنى بامرأة لم ينتشئ بهذا الزنا تحريم المصاهرة. فلا يحرم على الزاني نكاح المرأة التي زنى بها ولا أمها ولا ابنتها ولا تحرم الزانية على أبى الزاني ولا على أبنائه، وكذلك إذا قبلها بشهوة حراما، أو لمسها أو نظر إلى فرجها بشهوة حراما.
ثم قال وانفرد الأوزاعي وأحمد رحمه الله عليهما انه إذا لاط بغلام حرم عليه بنته وأمه. وقال أبو حنيفة: إذا قبل امرأة بشهوة حراما أو لمسها بشهوة حراما أو كشف عن فرجها ونظر إليه تعلق به تحريم المصاهرة، وان قبل أم امرأته انفسخ به نكاح امرأته. وإن قبل رجل امرأة ابنه انفسخ نكاح الأب. دليلنا قوله تعالى (وأحل لكم ما وراء ذلكم) وقوله تعالى (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) فأثبت تعالى الصهر في الموضع الذي أثبت فيه النسب.
فلما لم يثبت بالزنا النسب فلم يثبت به الصهر ولحديث عائشة وابن عمر مرفوعا عند البيهقي وابن ماجة (لا يحرم الحرام الحلال) والعقد قبل الزنا حلال. وروى أن عمر رضي الله عنه جلد رجلا وامرأة وحرص أن يجمع بينهما في النكاح.