جاءوا إلى البيت، وقد مضى تخريجه. أما الأحكام فإنه لا يصح النكاح إلا من حر بالغ عاقل مطلق التصرف. فأما العبد فلا يصح نكاحه بغير إذن السيد.
وأما الصبي والمجنون فلا يصح نكاحهما لقوله صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ. وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق) ولأنه عقد معاوضة فلم يصح من الصبي والمجنون كالبيع. وأما السفيه فلا يصح نكاحه بغير إذن الولي، لأنه لا يأذن له إلا فيما فيه مصلحة من ذلك (فرع) النكاح مستحب غير واجب عندنا، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد في المشهور من مذهبه وأكثر أهل العلم وقال داود بن علي الظاهري: هو واجب على الرجل والمرأة مرة في العمر دليلنا كما قلنا قوله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء فعلقه بالاستطابة وما كان واجبا لا يتعلق بالاستطابة.
وروى أبو أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أربع من سنن المرسلين: الختان والتعطر والسواك والنكاح) وقوله (من أحب فطرتي) فعلقه على المحبة وسماه سنة، فإذا أطلقت السنة اقتضت المندوب إليه. وروى أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما حق الزوج على المرأة؟
فبين لها ذلك، فقالت لا والله لا تزوجت أبدا، فلو كان النكاح واجبا لأنكر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، وروى أن جماعة من الصحابة ماتوا ولم يتزوجوا ولم ينكر عليهم إذا ثبت هذا فالناس في النكاح على أربعة أضرب: ضرب تتوق نفسه إليه، أي اشتاقت ويجد أهبته وهو المهر والنفقة وما يحتاج إليه، فيستحب له أن يتزوج لما رواه عبد الله بن مسعود حديث (يا معشر الشباب) والضرب الثاني: من تتوق نفسه إلى الجماع ولا يقدر على المهر والنفقة فالمستحب له أن لا يتزوج، بل يتعاهد نفسه بالصوم فإنه له وقاية. ولا يشغل ذمته بالمهر والنفقة.
والضرب الثالث: من لا تتوق نفسه إلى الجماع ويريد التخلي إلى عبادة الله تعالى فيستحب له أن لا يتزوج، لأنه يلزم ذمته حقوقا هو مستغن عن التزامها