(الشرح) حديث أبي هريرة رواه الشيخان وأحمد في مسنده وأصحاب السنن ما عدا الترمذي، وحديث أنس رواه أبو داود والبيهقي وابن مردويه وفى إسناده أبو جميع سالم بن دينار الهجيمي البصري، قال ابن معين ثقة، وقال أبو زرعة الرازي: بصرى لين الحديث. وقوله (إذا قنعت) بفتح النون المشددة سترت وغطت. وأما حديث النظر إلى الفرج يورث الطمس، فقد مضى في العبادات في ستر العورة وضعفه النووي وغيره، وكذلك حد العورة من الجارية مضى في ستر العورة فليراجع.
أما غريبه فقوله (لأربع) أي لأجل أربع، وقوله (لحسبها) بفتح الحاء والسين أي شرفها، والحسب في الأصل الشرف بالآباء وبالأقارب مأخوذ من الحساب، لأنهم كانوا إذا تفاخروا عدوا مناقبهم ومآثر آبائهم وقومهم وحسبوها فيحكم فان زاد عدده على غيره، وقيل المراد بالحسب هنا الأفعال الحسنة، وقيل المال، وهو مردود بذكره قبله، ويؤخذ من الحديث أن الشريف النسيب يستحب له أن يتزوج نسيبة، إلا أن تعارض نسيبة غير ذات دين، وغير نسيبة ذات دين، فتقدم ذات الدين، وهكذا كل الصفات وأما ما أخرجه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم من حديث بريدة رفعه (إن أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه المال) فقال ابن حجر: يحتمل أن يكون المراد أنه حسب من لا حسب له فيقوم النسب الشريف لصاحبه مقام المال لمن لا نسب له، ومنه حديث سمرة يرفعه (الحسب المال والكرم التقوى) أخرجه أحمد والترمذي وصححه هو والحاكم.
قوله (وجمالها) يؤخذ منه استحباب نكاح الجميلة، ويلحق بالجمال في الذات الجمال في الصفات، قوله (فاظفر بذات الدين) فيه دليل على أن اللائق بذى الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره في كل شئ لا سيما فيما تطول صحبته كالزوجة وقد وقع في حديث عبد الله بن عمرو عند ابن ماجة والبزار والبيهقي يرفعه (لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغبهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولامة سوداء ذات دين أفضل)